تســـوق يحافـــظ علـــى الخصوصيـــة واحتـــرام المشاعـــر

الثورة- منال السماك:
بأكياس بلاستيكية شفافة حملت ما قمت بتسوقه، بعض الخضراوات التي حلقت بأسعارها عالياً، فبتنا نشتريها على مضض بالقطعة، والقليل من الفواكه التي انتقيتها كذلك بالحبة، كي لا تثقل ميزانيتي التي زعزعت كينونة استقرارها السابقة موجات غلاء حاضرة، وبجولة تسوق سريعة انضم خبز الصمون والكعك داخل كيس شفاف أيضاً إلى ما سبق من المشتريات، وبعض السلع الغذائية من أجبان وألبان بكميات متواضعة، والتي كانت تفصح عن نفسها بوضوح من وراء شفافية الأكياس، التي كانت ربما تستفز من يراقب ويشتهي ممن لا طاقة لهم بالشراء لضيق بذات الحال، فيكتفون بالمشاهدة من وراء واجهات المحال، وتسجيل إحساس صدمة وحسرة، وتبرؤ اضطراري من الأسعار ومقاطعة إلى أجل غير مسمى.
الأكياس الشفافة
حالي كحال الكثيرين ممن سيصادفهم سائل أو محتاج، اعتدنا أخلاقياً وإنسانياً واجتماعياً ألا نرده منهوراً، فالبعض منهم طلب برتقالة، وطفل آخر استجدى قطعة صمون، لتأتي امرأة وتطلب حبتي بطاطا، وطفل لم يرق له ما أحمل فطلب أن أشتري له قطعة «أندومي».. بينما أمسك بيدي يافع بالخامسة عشر تقريباً، ليطلب شراء نقانق مجمدة، كان قد اشتهاها ليأخذها لوالدته لتعدها على مائدة الغداء، وكله يقين أن من يتسوق يحمل في جيبه أو حقيبته ما يكفي لشراء السوق بأكمله، وتلبية رغبات كل محتاج، وهو لا يدري أننا كلنا أمام استعار الأسعار سواء، ولكن البعض يستسهل الاستجداء والترفع عن العمل.
إنها لعنة الأكياس الشفافة التي تعلن على الملأ ما قمت بشرائه، فتحرج نفسك، وتجرح فقيراً يرى ويشتهي ويتحسر، قد لا تكون ذا بحبوحة مادية، وربما استدنت أو اقترضت أو بعت بعض المقتنيات، أوقمت بتقشف عدة أيام لتدخر وتشتري سلعاً غذائية أنت بحاجة لها، فتقوم بجولة سريعة للتسوق، وتحمل تلك الأكياس التي تفضح من خلال شفافيتها ما تحمله، فتوقظ شهوات المارة بالشارع، وتجرح مشاعر جارك المجاور لدارك أمام عائلته لعجزه عن جلب ما أنت قد أتيت به لبيتك وأسرتك.
«السك» لستر المشتريات
قديماً كان ما يسمى بـ «السك»، حقيبة مصنوعة من الجلد ذي ألوان متعددة، وهناك من كان يخيطها من القماش كنوع من إعادة التدوير، وعندما يقوم رب الأسرة بالتسوق يضع ما قام بشرائه داخل «السك» كنوع من ستر وإخفاء المشتريات، سواء كانت فاخرة أو متواضعة، وذلك احتراماً لمشاعر الغير الذين يلفت أنظارهم ما تحمله من مواد غذائية، وينسجون في مخيلاتهم ما ستعده من أطباق شهية، بينما هم يعيشون على الكفاف، وأطباقهم خاوية إلا من ما يسد رمق بطونهم، كذلك كانوا فيما مضى من الزمن الجميل يحرصون للحفاظ على خصوصيتهم، سواء بالترف أو القلة، فلا تفاخر ولا تباهي بما تحويه موائدهم، لذلك كانوا يسترون ما يشترونه إما بأكياس ورقية أو داخل «السك»، كنوع من الآداب الاجتماعية التي تحرص على عدم إظهار التفاوت الطبقي، فالغني أخ للفقير يعينه قدر المستطاع، تحت شعار تكافل اجتماعي اعتاد عليه مجتمعنا في زمن البركة.
مشاعر الآخرين
كان قد حدثني أحد الأصدقاء عندما رويت ما حدث معي، إنه اعتاد أخد أكياس سوداء عندما يذهب للتسوق، فربما لم يكن لدى البائع إلا تلك الأكياس الشفافة، ويحرص أشد الحرص على إخفاء ما يحمله لبيته، خوفاً على مشاعر جيرانه، فأحيانا لا يستطيع بسبب ارتفاع الأسعار من تقديم بعضاً مما يشتريه لجاره، فيوفر على نفسه حرجاً وربما حسداً وغيرة، وبذلك لا ضرر ولا ضرار.
هي دعوة لمراعاة مشاعر الغير واحترامها، فنحن في زمن لا يرحم والتحديات المادية فرضت نفسها بقسوة، والتفاوت الطبقي زادت حدته وتباعدت المسافة الفاصلة، فإما غني يمارس ترفه بصخب وضجيج من دون احترام مشاعر غيره، وإما فقير أثقلته الحاجة يراقب بصمت ذاك الترف الصاخب، فيتحسر ويلعن الفقر الذي صنفه كمتفرج فقط، عينه بصيرة ويده قصيرة وجيبه خاوية، فإما أن يستجدي الفتات من المشاركين في مهرجان البذخ، أو يتعفف ويترفع عن الطلب ليعيش على الكسرات المبللة.

آخر الأخبار
عبد الكافي كيال : صعوبات تعرقل إخماد حرائق جبل التركمان... واستنفار شامل دمشق تؤكد التزامها بإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية.. حضور سوري لافت في لاهاي دمشق تنفي ما تداولته وسائل إعلام حول "تهديدات دبلوماسية" بحق لبنان من جديد .. محافظة دمشق تفعل لجان السكن البديل.. خطوات جديدة لتطبيق المرسوم 66 وتعويض أصحاب الحقوق رئيس مجلس مدينة كسب للثورة : البلدة  آمنة والمعبر لم يغلق إلا ساعة واحدة . إخماد حريقين في مشتى الحلو التهما  خمسة دونمات ونص من الأراضي الزراعية وزير الطوارئ :  نكسب الأرض تدريجياً في معركة إخماد الحرائق.. والغابات لم تُحسم بعد وفد من اتحاد الغرف التجارية وبورصات السلع التركي يلتقي الرئيس "الشرع" في دمشق الخضراء التي فتحت ذراعيها للسوريين.. إدلب خيار المهجرين الأول للعودة الآمنة باراك: لا تقدم في مفاوضات الحكومة السورية مع "قسد" و واشنطن تدعم دمجها سلمياً من  ألم النزوح إلى مسار التفوق العلمي..  عبد الرحمن عثمان خطّ اسمه في جامعات طب ألمانيا علما سوريا جيليك: نزع السلاح لا يقتصر على العراق.. يجب إنهاء وجود قسد  في سوريا رفع كفاءة الكوادر وتطوير الأداء الدعوي بالقنيطرة بين الصياغة والصرافة .. ازدواجية عمل محظورة وتلويح بالعقوبات نزهة الروح في ظلال الذاكرة.. السيران الدمشقي بنكهة الشاي على الحطب "تربية طرطوس": كامل الجاهزية لاستقبال امتحانات الشهادة الثانوية الغابات تحترق... والشعب يتّحد.. التفاف شعبي واسع لمواجهة حرائق الساحل وزير الطوارئ ومحافظ اللاذقية يستقبلان فرق مؤازرة من الحسكة والرقة ودير الزور سوريا تسعى لاستثمار اللحظة الراهنة وبناء شراكات استراتيجية تعكس تطلعات الشعب الاكتتاب على ١٢١ مقسماً جديداً في حسياء الصناعية