قلة من يعرفون على وجه اليقين الأسباب التي يتم البناء عليها في رفع السعر الرسمي لصرف الليرة أمام القطع الأجنبي ولا سيما منه الدولار، فالسعر يرتفع دون تبرير أو توضيح أو تبيان الأسباب، ودون أن يكلف أحدهم نفسه عناء إخبار المواطن بسبب هذا الرفع.
تستيقظ صباحاً وتفتح المنصة الإخبارية لتُفاجأ بأن سعر الصرف قد ارتفع، وهو خبر قد يكون عادياً وقد يراه البعض دلالة على المرونة، ولكن ما ليس عادياً هو الأسعار التي ترتفع في السوق على خلفية هذا الرفع بشكل مباشر وبما يتجاوزه بضعف أو اثنين ضماناً لربح محقق، طبعاً لا يتفرد سعر الصرف بهذا السلوك وإنما اسعار المحروقات تُرفع كذلك دون تبيان السبب كارتفاع سعر هذه المواد في البورصات العالمية.
المشكلة أن ليس هناك من يراقب، فسعر الصرف يرتفع في النشرة الرسمية ما يعني أن السعر في السوق السوداء سيرتفع أكثر من ذلك بكثير، ناهيك عن أسعار السلع الأخرى الأمر الذي يوجب تبيان سبب هذا الرفع تأسيساً على انعكاسه على القدرة الشرائية للمواطنين شبه المعدومة أصلاً.
أحياناً يُخيل للمواطن بأن رفع السعر يأتي على شكل متوالية أو مراحل وقتية تفرض كل منها سعراً معيناً، والأنكى من ذلك عندما يقول تاجر ما أو مستورد ما بأني لن أطرح البضائع إلى حين ارتفاع سعر الصرف حتى أبيعها بربح مجزٍ أكثر (له طبعاً)، والمفاجأة الأكبر عندما يرتفع سعر الصرف ويتحقق الربح الفاحش كما قال هذا الشخص دون أن يتوجس من رقابة أو يحذر من محاسبة، أي أننا هنا أمام معادلة فيها طرفان ونتيجة نظرياً، ولكن فعلياً وعلى أرض الواقع فيها طرف واحد هو التاجر ونتيجة واحدة هي ربحه.
لماذا لا يتم ضبط الأسواق حتى يكون التسعير ضمن هامش محدد وسعر أعلى وسعر أدنى، طبعاً الفارق بينهما هو مقدار الربح المحقق للتاجر أو البائع أو المستورد مهما كانت التسميات التي تتعدد في حين أن الرابح واحد، أما أن تترك الأمور بهذه الطريقة والتاجر يسعّر أو المستورد يسعّر على مزاجه، فذلك أمر منهك للمواطن ويجعله غير قادر على موازنة أموره خلال اليوم وليس خلال السنة أو الشهر أو حتى الأسبوع بل خلال اليوم نفسه.
لا شك بأن المسألة شائكة ومعقدة وتتعدد الجهات ذات الصلة بها والتي تتحمل المسؤولية فيها، ولكن لابد من حل، لابد من طريقة يتم من خلالها الحفاظ على ما تبقى من قدرة شرائية للمواطن في وقت تعصف بالسوق أعاصير هوجاء من الغلاء والأسعار غير المسيطر عليها.
السابق