الثورة- غصون سليمان:
يشغل بال الكثيرين من الأسر وخاصة الأمهات الحالة العصبية، أو الانفعالية لأبنائهم الصغار، وبالتالي تختلف طريقة التعاطي والتعامل مع هؤلاء إيجاباً وسلباً، وفقاً للمعرفة والخبرة، وحسب رأي الباحثين فإن أحد أصعب أوجه التنشئة الوالدية هو إدارة الانفعالات، بدءاً من انفعالاتنا كأشخاص، وانفعالات الطفل، وانفعالات بقية أفراد الأسرة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما يصرخ الطفل لأمر ما ربما تعبيره يكون بمثابة احتجاج لمن حوله سواء في الأسرة أو الروضة أو المكان العام، أي التعبير عن الغضب وعدم الرضا.. وبالتالي من الضرورة التوقف والاهتمام وإيلاء الانتباه لمشاعر هذا الطفل.
الخبراء يؤكدون هنا على أهمية التوقف والتأمل والتفكر في هكذا حالات بدلاً من الرد بشكل متهور، ما يفتح المجال لاستخدام التفهم الوجداني والاستجابة بطريقة تبني الصحة العاطفية بدلاً من تقويضها.
فهدف التنشئة هو تربية الأطفال لكي يصبحوا بالغين واثقين وهادئين ويتمتعوا بصحة نفسية جيدة، لأن الصحة النفسية أمر بالغ الأهمية، بغية مساعدتهم على تطوير أنفسهم بحيث يمكنهم مواجهة التحديات العاطفية العديدة لعيش حياة ممتلئة بما يساعد ويحفز القدرة على النمو وفق متطلبات تحقيق الصحة العاطفية كجزء من الصحة النفسية.
ويشير الباحثون بالقول: علينا كأفراد أن نفهم مشاعرنا، بدلاً من الحكم عليها. ولهذا السبب على وجه التحديد، يجب أن تتماشى استجابة الوالدين لجملة ربما يقولها طفل لأمه أو أبيه “أنا أكرهك”، وهو شعور شائع وطبيعي يعبر عنه الأطفال، مع علم ومعرفة بالعواطف لدعم صحتهم النفسية.
التعبير عن المشاعر:
وحسب نظريات علم النفس أنه عندما نسمح للأطفال بالتعبير عن مشاعرهم، فإنهم يشعرون بالراحة والهدوء في نهاية المطاف. وحين لا نسمح للعواطف بالتعبير، فإنها تبقى عالقة في الجسم تحت غطاء من الخيبة والقلق.
مع الأخذ بالاعتبار ما لا يجب قوله من خلال أمرين عندما يقول الطفل كما ذكر آنفاً “أنا أكرهك”؟ فالمعادلة المطلوبة في هذا السياق “هو ان نقول له، “لا يجوز أن تكره.. كيف يمكنك أن تقول مثل هذا الشيء الفظيع” بمعنى ما يقوم به هذا الطفل من ردود الفعل هو رسالة مفادها أن الطفل ليس آمنا في التعبير عن مشاعره. كما أنها تترك الطفل وحيداً للتعامل مع المشاعر الكبيرة.
ويرى خبراء علم النفس أنه من الناحية البيولوجية، يتم ربط الأطفال بطريقة تجعلهم بحاجة إلى البالغين من حولهم لمساعدتهم في التعامل مع المشاعر التي يشعر بها الجسم وتكون مخيفة ومؤلمة. عندما يكبر الأطفال ويصلون إلى مرحلة البلوغ، وإذا سارت الأمور على ما يرام في مرحلة الطفولة، فإنهم يتعلمون في نهاية المطاف كيفية تنظيم عواطفهم، وهذا ما يريده الآباء.
ويلحظ المختصون هذا الجانب كمثال على عبارات المصادقة الانفعالية التي يجب أن تُقال بنبرة خفيفة أو محايدة ووجوب اتقانها كأن نبدأ، “لابد أنك غاضب جدا مني!”..”ماذا جرى؟”..”ماذا فعلتُ لتنزعج مني هكذا؟”
ثم نحاول أن نستمع فقط ونحن نحمل في قلبنا الحب والتعاطف والفضول.
و إذا كنا نريد الرد بمجرد انتهاء الطفل من المشاركة، لنحاول جاهدين ألا نتخذ موقفا دفاعيا. وإنما إلهام الطفل على بقاء التواصل بشكل إيجابي.
إن المصادقة على كلمات مثل “أنا أكرهك” لا تعني التغاضي عن السلوكيات المدمرة مثل الضرب أو اللكم أو العض أو الركل. يجب إيقاف السلوكيات التي تؤذي الآخرين فورا عن طريق إخراج الطفل من مكان الحادث بأقل قدر من القوة وبلهجة هادئة ولكن حازمة. يمكن أن يقال للطفل هنا: “لا بأس أن تغضب، لكن ليس من المقبول أن تضرب، أو تركل، او تعض، أو تلكم الآخرين. سأبقى معك حتى تهدأ. ثم يمكننا العودة مرة أخرى للعب.”
المصادقة على المشاعر لا يظهر استحسانك لما فعله الطفل، بل اعترافك فقط بعالمه الداخلي الذي يساعده على الشعور بأنه مرئي وليس وحيداً مع مشاعر مخيفة كبيرة مثل الغضب والإحباط والعار والخوف.