الخلايا الوليدة “الطب التجديدي”.. د. جرجور لـ “الثورة”: إصلاح الأنسجة التالفة واستعادة وظائف الأعضاء
الثورة – دمشق – نور جوخدار:
تجديد الخلايا الجذعية أو ما يعرف بالطب التجديدي، هو إصلاح الأنسجة التالفة واستعادة وظائف الأعضاء بزرعها في أنواع معينة من الخلايا مثل خلايا عضلة القلب، أو الدم، أو الخلايا العصبية، وتعتبر من أحدث الابتكارات في مجال زراعة الأعضاء والتي تستخدم بدلاً من أعضاء المتبرعين محدودة التوافر.. والعلاج مازال قيد الأبحاث العلمية ولم يصل لمرحلة التطبيق العملي.
في هذا الإطار أكد الطبيب الاختصاصي والباحث في الأمراض الوراثية الدكتور رامي جرجور في لقاء مع “الثورة” أن الخلايا الجذعية هي الخلايا الخام في الجسم والتي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى التي تؤدي الوظائف المتخصصة، فالخلية الجذعية مثلها مثل أي خلية في الجسم تكون قادرة على الانقسام لكنها غير متميزة وتعطي خلية متمايزة.
وبيَّن أن الخلايا الجذعية تنقسم في ظل الظروف المناسبة في الجسم أو المختبر لتكوّن مزيداً من الخلايا تسمى “الخلايا الوليدة” وهذه الخلايا إما أن تصبح خلايا جذعية جديدة أو متخصصة “متمايزة” ذات وظيفة أخرى أكثر تخصصاً، مثل خلايا “الدم أو الدماغ أو عضلة القلب أو العظمية”.
وأضاف د. جرجور أن هناك مصدرين للخلايا الجذعية، الأول الخلايا الجذعية الجنينية، وتستخرج من الأجنة التي تتراوح أعمارها بين 3 و5 أيام، ويطلق على الجنين في هذه المرحلة الكِيسة الأُريمية ويحتوي جسمه على 150 خلية تقريباً، وتكون هذه الخلايا متعددة القدرات أي أنها يمكن أن تتشعب لإنتاج مزيد من الخلايا الجذعية أو يمكن أن تصبح أي نوع من الخلايا في الجسم، كما يتيح هذا التنوع استخدام الخلايا الجذعية الجنينية لإعادة تكوين الأنسجة والأعضاء المصابة بأمراض أو ترميمها.
وأوضح أن المصدر الثاني الخلايا الجذعية البالغة وتوجد بأعداد قليلة في غالبية أنسجة البالغين، مثل نخاع العظم أو الدهون، وتتميز بقدرة محدودة على تكوين خلايا الجسم المختلفة مقارنة بالخلايا الجذعية الجنينية.
وحول استخدام الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض لفت الدكتور جرجور إلى أن عمليات زرع الخلايا الجذعية معروفة باسم عمليات زرع النخاع العظمي والتي تستخدم الخلايا الجذعية البالغة أو دم الحبل السري، وتُستبدل الخلايا الجذعية بالخلايا التالفة لمعالجة أنواع معينة من السرطانات وبعض الأمراض المرتبطة بالدم مثل سرطان الدم، والليمفومة، والورم الأورمي العصبي وهو حالة سرطانية شائعة عند الأطفال تتطور من النسيج العصبي، والورم النقوي المتعدد، كما تزرع عند الأشخاص الذين تعرضوا لعلاج كيميائي أو إشعاعي بجرعات عالية.
وأشار إلى أنه من أمراض الدم أيضاً الثلاسيميا بيتا ومرض الخلايا المنجلية (SCD) وهما مرضان نادران موروثان ناجمان عن طفرات جينية تؤثر على إنتاج أو وظيفة الهيموجلوبين وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء التي تحمل الأكسجين حول الجسم، هذا ويعتبر كلا المرضين منهكين مدى الحياة ويهددان الحياة.
وتابع جرجور أن معالجة الثلاسيميا تتم بشكل رئيسي عن طريق نقل الدم المتكرر للمرضى، كما تم حديثاً تطوير علاج جيني يعتمد على الخلايا الجذعية ويتم إعطاؤه كتسريب في الوريد لمرة واحدة لعلاج البالغين والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً فما فوق والذين يعانون من:
– مرض الخلايا المنجلية مع أزمات انسداد الأوعية الدموية المتكررة (VOCs).
– الثلاسيميا المعتمدة على نقل الدم (TDT).
تم تطوير هذا العلاج من قبل شركة Vertex Pharmaceuticals ويعتمد العلاج بهذه الطريقة على تقنية CRISPR/Cas9 وتمت الموافقة عليه لعلاج مرض فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا المعتمدة على نقل الدم في المملكة المتحدة في تشرين الثاني2023.
أما الولايات المتحدة وافقت على علاج مرض فقر الدم المنجلي في كانون الأول2023 ولعلاج الثلاسيميا بيتا المعتمدة على نقل الدم في كانون الثاني 2024، ونظراً إلى أن الخلايا الجذعية الجنينية تُستخرج من الأجنّة البشرية في مراحل نموها المبكرة بيّن د. جرجور أنه لا يمكننا الحصول على هذا النوع من الخلايا إلا بعد إلقاح البويضة بالحيوانات المنوية في مراكز طفل الأنبوب، وقد أثيرت بعض التساؤلات والقضايا حول أخلاقيات هذه الأبحاث واعتبرت غير مقبولة لا شرعياً ولا أخلاقيا.
وأوضح أن الخلايا الجذعية الجنينية قد تنمو نمواً غير منتظم أو تتحول تلقائياً إلى أنواع مختلفة من الخلايا ويدرس الباحثون حالياً كيفية التحكم في نموها وتمييزها.. كما قد تحفز هذه الخلايا الجنينية استجابة مناعية يهاجم فيها جسم المتلقي باعتبارها أجساماً غريبة أو قد تفشل في العمل على النحو المتوقع، الأمر الذي له عواقب غير معروفة.