دون استئذان ولا مراعاة للحد الأدنى للخصوصية، تقتحم رسائل الخليوي خصوصيتنا ليل نهار مرسلة يمنة ويسرة إعلانات الحظ والأبراج ومواعيد الحفلات، مذكرة إيانا بالحفل الغنائي الأهم للمطرب فلان، والبازار الخيري للوجه الاجتماعي فلان.
ليست المسألة عفوية وإنما مدروسة.. فالهدف التربّح من الرسائل دون اعتبار للمشترك تبعاً لاستمرارها منذ ما يزيد على عشرين عاماً، دون التراجع عن هذه الطريقة أو التُقيد بالقوانين والأنظمة التي تستند إليها اتصالات ورسائل هذه الجهات إن خالف المشترك الأنظمة الخاصة بها ولو بمقدار ذرة، كالتأخر عن سداد الفاتورة أو تحديث البيانات أو سواها.. وهذه الأخيرة ذات شجون..
فجأة ودون مقدمات تجد أن خطك بات غير فعّال ولدى السؤال تكتشف أن شريحتك لم تعد مجدية، لماذا؟ لأن سنين مضت على استعمالها..!! وما المشكلة إن كانت كذلك؟ لأن تجديدها ضروري..!! ولماذا ضروري؟ لأنها قديمة!! وماذا إن كانت كذلك فهي تعمل؟ لا بد من تغييرها..!! بمعنى: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان..!!
لماذا لا يتم تطبيق القانون الحامي لخصوصية الفرد على هذه الشركات، ومن يمنعها من توجيه رسالة تقتحم نومك مع الفجر أو آخر الليل لتؤكد لك أنك قد تربح حصير قش إن أجبت عن السؤال الخاص بمتى ولد أبو الأسود الدؤلي، أو كم عمر نقار الخشب وسواها من المعلومات التي من المؤكد أن الدؤلي نفسه لم يكن ليجرؤ على طرق باب جاره لسؤاله عن قضية نحوية في توقيت مماثل..!!
كيف لهذه الشركات أن تتمترس خلف القانون في علاقتها بالمشترك ولا يوجد قانون يلزمها بحماية حقوقه، ولعل مسألة الرسائل هذه خير دليل على ذلك، ناهيك عن أمثلة أخرى لا تعد ولا تحصى..
لعل البداية هي الأبرز لجهة كون المواطن ليس مالكاً لخطه بل هو مشترك.. وفقط مشترك، مع أنه يدفع قيمته كاملة كما في كل بلاد الدنيا، حيث يكون الرقم خاصاً به وليس مشتركاً يُسترجع الخط منه حال وقوع ما تعتبره الشركة مخالفة، فيُعاد “تنجيده” بإخراجه من الخدمة لبضعة أشهر ومن ثم يكون متاحاً لغيره.. للاشتراك طبعاً.. وهكذا دواليك..!!
كما السيارة جزء من البيت فالخصوصية مساحة شخصية كفل القانون حمايتها ولا يملك أحد الحق في اقتحامها أو تجاوزها، وما من قدرة تقدر على تفويض أمر التعامل معها لأحد بالنيابة عن المواطن، فهي ليست حقاً لأحد حتى يتصرف فيه أحد آخر.

السابق