عبد اللطيف عبد الحميد صانع الابتسامة… الساكن في وجداننا

الثورة- عمار النعمة:
منذ أن وعينا على هذه الدنيا كنا نتابع أفلامه بشغف، نرى إبداعاً مختلفاً في عالم الإخراج، يحاكينا ويدخل في تفاصيل بيتنا وواقعنا، ففي عام ١٩٨٩ على سبيل المثال كان لفيلمه ليالي ابن آوى حظوة كبيرة لدى المشاهد السوري، فقد اتسم بالبساطة والفرح تارة والحزن والواقعية تارة أخرى ثم تتالت الأفلام المهمة إلى يومنا هذا.
إنه المخرج السينمائي عبد اللطيف عبد الحميد الذي رحل عن دنيانا منذ أيام تاركاً خلفه إرثاً سينمائياً غنياً حمل قيمة كبرى في تاريخ السينما السورية والعربية عموماً.
ولد عبد الحميد في عام 1954 وتخرج في دراسة السينما من معهد فغيك في موسكو عام 1981 قدم خلال مشواره الفني سلسلة من الأفلام، وهو يعتبر أكثر المخرجين السينمائيين السوريين الحاصلين على الجوائز السينمائية من خلال مشاركاته في مهرجانات إقليمية عالمية.
قضى المخرج المبدع سنوات طفولته متنقلاً بين حمص والجولان السوري المحتل بحكم عمل والده في الجيش العربي السوري وكانت السينما شغفه الأول فكان لا يترك فيلماً عربياً وأجنبياً تعرضه صالات مدينة اللاذقية.
وعندما حصل الراحل عبد الحميد على الشهادة الثانوية درس الأدب العربي في جامعة تشرين حيث أشبع هوايته الفنية بالعمل في المسرح الطلابي وسعى لدراسة الموسيقا في مصر ولكن ثمة عوائق حالت دون تحقيق حلمه.
أخذت مسيرة حياة عبد الحميد طريقها الصحيح عندما حصل على منحة لدراسة السينما في المعهد العالي للسينما بموسكو وتخرج فيه عام 1981 منجزاً خلال سنوات دراسته ثلاثة أفلام وهي تصبحون على خير ودرس قديم ورأساً على عقب، وبعد عودته إلى دمشق أنجز للمؤسسة العامة فيلمين تسجيليين هما أمنيات وأيدينا.
الصفة المتميزة لدى الراحل أنه قريب وصديق للجميع، وربما هذا ماشاهدناه منذ ساعة وفاته فقد تزاحم الأحباء لكتابة المنشورات حزناً عليه، كانت شخصيته دمثة مُحبة قريبة من الجمهور ومن الذين عملوا معه، في كل مرة تقابلنا بها أو تحدثنا كان متعاوناً معطاء، ابتسامته اللطيفة ساكنة في قلوبنا.
حين قدم فيلم الطريق حاورته على هامش الفيلم بشكل خاطف وكتبت يومها عن الفيلم فقلت في صحيفة الثورة (وأنت تشاهد الصورة بشكل عام يغمرك الأمل والحزن والفرح، فكثافة النص ودلالاته تدل على أن الحرب لاتلغي الذاكرة ولا الحب ولا الابتسامة ولكن تبدل لونها ومذاقها .. ليفاجئك بأنه الأكثر حيوية ومرونة ومتابعة لحيوية الفكر، فالفيلم تميز عن غيره ليس فقط على مستوى مضامينه وأبعاده الدلالية فحسب، ولكن على مستوى لغته السينمائية، وهذا دليل على احترافية عالية في توظيف أدوات الخطاب السينمائي التي تمزج بشكل عفوي الأداء والحركة والموسيقا والصورة في التحام وانسجام بديعين.
في اليوم التالي أرسل عبد اللطيف لي رسالة دافئة كإبداعه، عبر من خلالها عن شكره لما كتبنا ووصفنا فيلمه… فكانت رسالته أشبه بالصورة التي طالما منحت الطمأنينة لقلبنا.
في الحرب الظالمة على سورية قدم عبد الحميد أفلاماً مهمة عن الواقع السوري كفيلم (طريق النحل)على سبيل المثال ويومها وصفه الراحل بأنه فيلم رومانسي لطيف يروي قصة حب بين فنان وشابة، في ظل الحرب التي تعيشها سورية حالياً، والتي يعيش فيها الناس حصاراً وطريقاً شائكاً مليئاً بالألم.
لاشك أن المخرج عبداللطيف عبد الحميد أدخل نفساً جديداً لصناعة الفن السابع في سورية، فأفلامه حتى اللحظة ساكنة في وجدان السوري، وهي بحق رسالة توثيقية للسينما ومرجعاً للكثير من الأجيال الشابة التي تسير على هذا الطريق ..
وداعاً عبد اللطيف عبد الحميد، غيابك سحابة سوداء كثيفة، ارقد بسلام، فمسيرتك حافلة بالعطاء والجمال، ستبقى أعمالك خالدة في قلوبنا وستحتفظ الذاكرة السينمائية السورية بعناوين أعمالك التي ذاعت شهرتها نظراً لقيمتها الفنية وبعدها الإنساني والجمالي.

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى