فلسطين…البوصلة والقضية

الملحق الثقافي- كمال الحصان :
القضية الفلسطينية واحتلال واغتصاب فلسطين، هو في الحقيقة العنوان الأبرز، في المؤامرة التاريخية الكبرى، على الأمة العربية، والتي رسمت خطوطها الأولى ووضع مخططها الإجرامي الاستعماري، بالتشارك بين الإمبريالية العالمية والصهيونية مطلع القرن الماضي، وذلك على أساس المصلحة الاستعمارية المشتركة لهما، في تفكيك وإضعاف الأمة العربية، والتي تمثلت بما أسموه ( الطوق الجغرافي العربي ) المحيط بأوربا، والممتد من طنجة إلى الإسكندرونه وأنطاكية، شاملاً معظم الدول العربية ومن ضمنها فلسطين، هذا الهلال الذي قال فيه ، «بنرمن»، رئيس وزراء بريطانيا في حينه، وخلال المؤتمر الذي عقدته في لندن سبع دول أوروبية، بين عامي 1905-1907( مؤتمر بنرمان – كامبل )، ما يلي:
(إن هذا الهلال العربي هو مصدر الخطر الاستراتيجي والدائم على كل أوروبا…)
ثم تلا ذلك كما هو معروف وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو ثم فرض الانتداب البريطاني على فلسطين والذي كان وجوده هو بغرض التمهيد لاغتصاب فلسطين من قبل العصابات الصهيونية وهذا ما حصل عام 1948 إذ انسحب آخر جندي بريطاني من فلسطين مع ساعة رفع العلم الصهيوني على أرض فلسطين، وتهجير ما يقارب المليون فلسطيني خارج أرضهم ووطنهم، وصولاً إلى مخطط برنار لويس وإقراره في الكونغرس الأميركي علنًا عام 1983، وصولاً إلى الحرب الإرهابية على سورية والتي لا زالت مستمرة قصفًا وحصارًا ونهبًا وغارات إسرائيلية شبه يوميه، على المواقع والمدن والمدنيين السوريين…وأخيرًا وليس آخرًا، معركة طوفان الأقصى والتي تستهدف إبادة الشعب العربي الفلسطيني وإزالته عن خارطة العالم وتاريخه، ولقد تم تحديث وتطوير هذا المخطط الإجرامي بما سمي مؤخرًا « صفقة القرن»، والذي ما زال تنفيذه جارياً على قتل وتدمير.
في مطلع القرن الماضي، إبان الاستعمار العثماني البغيض في معظم الأقطار العربية، فقد تنبهت قوى وجماهير الشعب العربي العظيم ، رغم أنه كان لا يزال ينهض من غفوة تجهيليه استعمارية طويله في كافة أقطاره ومناحيه، تنبهت إلى هذا المخطط ومدى خطورته على الأمة العربية وقوتها ونهضتها، فقامت حركة شعبية واسعة وخاصة في سورية العروبة للانتفاض والثورة على المحتل العثماني وطرده من الأرض العربية، وفعلاً تم ذلك في ظل صمت الاستعمار البريطاني والفرنسي الذي انقض فورًا ليحل محل العثمانيين في الاستيلاء على الأرض والثروات العربية فقام بفرض الانتداب البريطاني على فلسطين والفرنسي على سورية وكل ذلك كما قلنا من أجل مساعدة الصهيونية والإمبريالية العالمية، في إنشاء دولة مصطنعة بمثابة سرطان خبيث في قلب الأمة العربية.
إن تفتيت الأمة العربية وإضعافها هو شرط لازم وكاف، لسيطرة الغرب على العالم كله، ولا زالت هذه النظرية قائمة وقيد التنفيذ، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
وبالمقابل، أيضًا ومنذ ذلك التاريخ، وهدف الوحدة العربية ونهضتها أصبح حلم وهدف كل الأجيال العربية والشعب العربي وصارت مسألة الوحدة تعبيرًا ومشتركًا وهدفًا جامعًا لكل الشعب العربي بل وصارت الوحدة العربية هي تعبير واضح وصادق عن أن الأمة العربية هي أمة واحدة، ورسالتها الحضارية والإنسانية الخالدة، هي الرد على الغرب الاستعماري وصنائعه الشريرة في المنطقة فيما بعد.
باختصار نقول، لكل هذه الوقائع والأسباب، ورداً على هذه المؤامرة الإمبريالية العالمية، ورأسها الصهيو- أميركي، فقد اتضح شكلاً ومضموناً ووسيلة، اتجاه وبوصلة التصدي ومقاومة هذا الكم والحجم من التآمر الذي هو بالنتيجة تآمراً ضد أمة لم تعط الإنسانية والعالم والتاريخ سوى الحضارة والرسالات والعلوم والتقدم.
البوصلة إذا هي القدس التي كانت يومًا ما من أكناف دمشق والتي ما انتصر للقدس وغضب لها سوى دمشق كما جرى في أحد أيام عام / 1099 / حين سارت دمشق بجيشها العربي البطل من قلعة دمشق بقيادة صلاح الدين في حين نام الخليفة في قصره ولم يستجب لنداء الفلسطينيين الفارين من بحر الدم في القدس سواك يا دمشق .
بعد عام 1948 الذي بات يسمى عام النكبة، الذي نحتفل كل عام بما نسميه « ذكرى النكبة « مع أن النكبة ليست ذكرى، لأنها لا زالت قائمة ومستمرة حتى اليوم ولن تنتهي الا بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وبتحرير الجولان واسكندرون.
إذن ومما سلف يتضح أن فلسطين هي بداية المؤامرة الكبرى على الأمة العربية وليست نهايتها، ومن خلال هذا الفهم العميق والواعي نقول، لقد بنيت استراتيجيتنا التحريرية والتحررية، وقامت من دمشق العروبة على أساسين هما : مركزية القضية الفلسطينية، بمعنى أنها تهم وتعني جذريًا كل العرب دون استثناء وبالتالي هي مسؤوليتهم جميعًا.
والثاني إن هكذا مؤامرة وهكذا احتلال استيطاني واستعماري، قام بالغطرسة والإجرام والقتل والتوحش، لا يمكن اقتلاعه إلا بالمقاومة كما يقول تاريخ وحاضر كل شعوب الأرض، وبالمناسبة، فإن أول من قام بترجمة هذه القضية ومركزتيها، هي سورية العروبة والمجد والبعث، حيث قام مقاوم من قرية على الساحل السوري الباسل اسمه عز الدين القسام شاهرًا عروبته، على ساحل حيفا، قائدًا لثورة شعبه العربي الفلسطيني في وجه الاستعمارين البريطاني والصهيوني، واستشهد على ساحة القضية المركزية وأرضها.
من هنا نفهم ونقرأ ما قاله القائد العظيم والحكيم والعروبي الأول الرئيس المقاوم بشار الأسد :
(لا حاجة لتكرار موقفنا الوطني من الكيان المجرم، موقفنا ثابت منذ نشوء القضية الفلسطينية ولم يهتز للحظة أو ظرف وبكل الظروف التي مرت بها سورية ولن نتنازل اليوم لأن جوهر القضية لم يتغير ولأن العدو هو نفسه لم يتغير والحقوق لم تعد لا للفلسطينيين ولا للسوريين) .
إن زرع ما يسمى «إسرائيل» هو هدف واستهداف لكل الأرض العربية ولكل إنسان عربي.. وإن التخلي من قبل البعض، عن هذه القضية، هو في حقيقته مساهمة مباشرة في تحقيق هذا الاستهداف وتنفيذ هذه المؤامرة، كما أن « المرحلية « التي يتبعها المتآمرون في تنفيذ هذه المؤامرة، لا تستثني أحدًا، حتى من يرون في أنفسهم أصدقاء لأطراف المؤامرة، ما هم في الحقيقة سوى « أشلاء مؤجلة « لأنهم في النهاية، جزء من نفايات المؤامرة التي يحكم عليها التاريخ والحق والإنسانية بالفشل المحتم.
كاتب وباحث
                           

العدد 1190 –21-5-2024       

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى