الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
اليوم، بعد مرور 75 سنَّة على النَّكبة، تعودُ فلسطين من جديد كبوصلةٍ تحرريّةٍ، هناك حِراكٌ شَعبّيٌ واسع، وتوحّد للفئاتِ المختلفةِ من الفلسطينيين، وتعاطفٍ عربيٍّ وعالميٍّ كبير. وهذا يُشكل فرصة ًلفتح نقاشٍ سيّاسيٍّ واجتماعيٍّ حول النظريات المتعددة ِلقضايا التَّحرر العربيَّة. هل ما زالت “القضية الفلسطينية” بصيغتها التقليدية صالحة سياسياً؟ وكيف يمكن تمييزخطاب الديمقراطي أو الحقوقي بخصوص فلسطين والعالم العربي عن خطاب الصِّراع الدِّيني – القومي؟
فلسطين تحمل في طياتها تاريخاً غنيّاً بالنِّضال والتَّحديات، ويبقى نقاشها ضرورياً لتحقيق التَّحرر والعدالة في المنطقة. نأملُ أن يستمر الحِوار حول هذه القضيَّة الهامَّة وأن يُسهم الجميع في تحقيق السَّلام والعدالة في فلسطين.
ولأهمية هذه القضيَّة وخاصة بالنسبة لأبنائها نرى أن الأدب والفن والإبداع بشتى صوره قد عبّرعنها بطريقته وأسلوبه
فالشُّعراء الفلسطينيون نجحوا في التعبيرعن الوَّجع والألم الذي يعيشه الشَّعب الفلسطيني، و قصائدهم يمكن أن تكون شاهداً على الظلم والاحتلال.
ومنهم الغني عن التعريف
الشَّاعر محمود درويش
وهناك العديد من الفَّنانين الفلسطينيين الذين أسهموا في تسليط الضَّوء على قضيَّة فلسطين من خلال أعمالهم الفنيّة منهم
1-إسماعيل شموط (١٩٣٠-٢٠٠٦)
– الفنان التّشكيلي إسماعيل شموط عاشَ تجربة النضال الفلسطيني بالكامل واستمر في سرّد قصص النَّضال من خلال الفن.
– تناول في أعماله موضوعاتٍ مثل الهويّة، النفي، المعاناة، واللجوء.
– أقام أول معرض لفنان فلسطيني داخل فلسطين أو خارجها في غزَّة عام ١٩٥٣.
2-ناجي العلي (١٩٣٧-١٩٨٧)
– ارتبط اسم ناجي العليّ بشخصيّته الشَّهيرة “حنظلة” التي ظهرت لأول مرَّة عام ١٩٦٩ في جريدة السِّياسة الكويّتيّة.
– استخدم العلي شخصيّاتٍ متعددة للتعبير عن مشاكلِ وهمومِ المواطن الفلسطيّني، بمّا في ذلك شخصيّة فاطمة والجندي الإسرائيلي
3-تمام الأكحل ١٩٥٣
– أول فنانة فلسطيّنية تدَّرس الفن بشكلٍ أكاديمي وتعبرعن القضيّة الفلسطيّنية بألوانها ومضامين لوحاتها.
– أقامت أول معرض فنيٍّ لفنانين فلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية
بالإضافة إلى الفنانين المذكورين أعلاه، هناك العديد من الأعمال المسرحيّة واللوحات الفنيّة التي تسلط الضَّوء على قضيّة فلسطين. على سبيّل المثال، مسرحيّة “إلا أنت-القدس” ترويّ قصة معاناة المدينة وصمود الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال بأسلوبِ الكوميديا السَّوداء كما أن هناك لوحات فنيّة تشكيليّة رسمها فنانون روس منذ أكثر من ٧عقود تحمل معاناة الشَّعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي
محور الإبداع والفن..
الناقد القاص والطبيب زهير سعود..سورية.
فلسطين في الإبداع الفني بعد مرور 75عام على النكبة:
في الخامسة عشرة من أيار العام ألف وتسعمائة وتسعة وأربعون، أعلنت فلسطين والعرب قاطبة الذكرى الأولى للنكبة العربية الفلسطينية، وهي ذكرى عمليات تهجير مايقرب المليون فلسطيني من أرضهم وبيوتهم في أحداث شغلت الأعوام/47-49/ بعد عمليات القتل والتشريد التي قامت بها العصابات الصهيونية المدعومة من قبل الاستعمار البريطاني والأميركي، وكان من الأحداث فشل الجيوش العربية في التصدي للجيش الاسرائيلي المدعوم من تلك الدول ثم إعلان قيام دولة إسرائيل الاستيطانية. ومنذ ذلك الوقت وحتى هذا العام ما زالت القضية الفلسطينية ماثلة في وجدان الفلسطينيين والعرب، فكان لسورية وبالأخص بعد قيام حركة التصحيح دوراً محورياً خاصّاً في إثبات الوجود وتحقيق انتصارات حرب تشرين التحريرية للعام/1973. وبالطبع فقد أنعكست آثار النكبة والسياسات التي تلتها والنزوع العربي لإحياء ذكرى النكبة من جهة وتأكيد مقاومة العدوان وما تم تحقيقه في سياق النضال وخوض المعارك على منظّري السياسة وأصحاب النتاج الأدبي والفني في مختلف جوانبه الإبداعية وعلى المستويين العربي بالعموم والفلسطيني بالخصوص. إذ ثمّة نتاجات طباعية تناولت قصّة النكبة وأثرها وأسبابها من وجهات نظر مختلفة تتبع الجهة المصدرة ومعتنقها الأديولوجي والسياسي، نذكر في هذا السياق كتاب “النكبة” نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود /1947-1949/ الصادر في مجلدات ثلاث لعارف العارف وتقديم وليد الخالدي. وبعيداً عن السياسة وأثرها البلاغي فقد حظيت القضية الفلسطينية بمكتنفات مجلدات من الأشعار والروايات والقصص القصيرة والرسوم العادية و الكاريكاتيرية، أبدع فيها كتاب وشعراء وفنانون عرب وفلسطينيون، مثل الشاعر سميح القاسم ومحمود درويش والقاص غسان كنفاني وشقيقه عدنان وكثيرون غيرهم. وبالطبع فلم تخل الساحة البصرية من عروض شيّقة سورية بالخصوص وعربية بالعموم، تناولت القضية وأثر النكبة والاحتلال الإسرائيلي والحروب مع إسرائيل، مثل أفلام: “فتاة من فلسطين” و”أرض الأبطال” و”الله معنا” وفيلم “فرحة” و”الزمن الباقي” فلا يزال في ذاكرة العرب والسوريين عشرات اللقطات الدرامية التي صوّرت مشاهد حقيقية من الإشتباك مع العدو، كذلك جملة الممثل السوري المرحوم صلاح قصاص من فلم عواء الذئب: “ألف حبل مشنقة ولا يقولوا بو عمر خاين يا خديجه”. كذلك كيف حمل رشيد عساف رفيق سلاحه المصاب لكي يعيده. فما تأكيدنا في مساحة التعليق القصيرة على الجانب السوري الدرامي في ملاحقة أثر النكبة العربية الفلسطينية سوى الرغبة في إظهار أحد وجوه الدور المحوري الذي لعبته وتلعبه القضية الفلسطينية في وجدان السوريين وبالأخص منذ اندلاع ثورة البعث، وهو دور كان من أبرز محطاته العسكرية حرب تشرين التحريرية ودعم المقاومة الفلسطينية والقوى الحليفة لها..
الشاعرة سناء سفكوني..سورية.
ما زالت القضية الفلسطينية وبعد ٧٥ على النكبة مرتبطة ويشتد ارتباطها بتاريخنا وديننا وانسانيتنا وكرامتنا العربية ..
لم يقف الشعر متفرجا بل ومن اللحظة الأولى راح الأدباء وخاصة الشعراء يتحدثون عن فلسطين وكانت مصدر الالهام الاول في قصائدهم قصائد حرضت على استرجاع الحقوق فها هو الشاعر المصري يستنهض وجدان العرب لمساعدة فلسطين :
أخي جاوز الظالمون المدى
فحقّ الجهاد وحق الفدا
أخي إن في القدس اختا لنا
أعدّ لها الذابحون المدى
فلسطين نحميك ملء الصدور
فإما الحياة وإما الردى.. .
– غزة العزة..الشاعرة إنصاف صنوبر…فلسطين
غزة العزة
سيأتى يوم …
شمس الكرامه تسطع
بقلوب مخلصه لله تتضرع
قد آن لرأيه التوحيد ترفع
أبداً .. لغير الله لن نركع
وبصوتي الحر
العالم كله سوف يسمع
قولوا … للعالم أجمع
أبداً .. لغير الله لن نركع
مهما .. تكمموا الأفواه
مهما .. تنشروا الكذب
الله ناصر من دعاه
والوعد حق وقد وجب
سيأتى يوماً …
سيأتى النصرلا محاله
وينقشع ليل الجهاله
فالظلم ليله لن يطول
والحرب حرب للعقول
والنصر إظهار الحقائق
بالدلائل والوثائق
لن ترهبونا بالسلاح
لن تقتلوا فينا الكفاح
رغم الألم رغم الجراح
لن تقتلوا فينا الحماس
مهما علا صوت الرصاص
سيأتي يوما للخلاص
بقلوب مخلصه لله تتضرع
والعالم كله سوف يسمع
قد آن لرايه التوحيد ترفع
قولوا .. للعالم أجمع
لن ننحنى
ولغير الله لن نركع..
بعثِري شَرفَ السنين
الشاعرة نهــى عبد الرحمن عمــر/ رام الله .. فلسطين..
…
جُدرانُ قَناعاتي تَصَدَّعت
تَجرَّحَت أنامِلُ الرَفض
تَجَمَّلَ النٌفاقُ وتَبَدّل
خَطفَ إسماً،
وادّعى أنّ ذلك مُجامَلة وديبلوماسِية
فَغَضِبَت الروح المُثقَلَة
العقلُ لا يهضُمُ ما يحدث
والعيون أصابتها بالرَمد كلّ المَشاهِد المارِقة العارِية
اللسانُ انطَوى خَجِلاً مِن أمطارِ ألفاظٍ ..
شائهة .. غريبة .. خارجة
تَلَألأَ خط الحقيقة
لا مِراءَ ولا لُبْسَ
سُطورُ الوداع تنتَشي ..
تحاولُ أنْ ترفَعَ رُؤوسَ الأقلام وأيادي الكَلام ..
اعتِراضاً .. مُقاومةً .. إناراتٍ
وفي زحمة العَتاد تَذبلُ أحيانا
أيائلُ الحَقِّ ضحايا مُلاحَقَة، والحقُّ مُنْتَفِضٌ ..
أفئدتهُ مُقتَنَصَة
وحَنظَلَةُ ما زالَ البوصَلَة
قَنَصوا الرأسَ ..
تَطايَرت الأفكارُ في كلِّ الكَونِ ..
تَحتَمي بعُقولٍ مُشتَعِلَةِ الوَعي والصَحوات ..
لا ظلامَ يُبَدِّدُها
بَقٌيَت السَبّابةُ تُشيرُ للحقِّ والحَقائق
رَفَعَت العَتمةَ، وعَلَّقَت غُروبَ الشمس
أجّلَت الأحلامَ العادِيّة
وَلَوَّنَت حُلماً ناضِجاً
رفيق العَلَمْ
وإنْ ضاقَ الفؤادُ على الفراق مُذ تَسَربَلَ الأحبابُ بالفَقدِ والنوائب
حزينةٌ أغنياتي
شاحِبَةٌ حُمرَةُ أورِدَتي
تَرمُقُني الحُروف ..
تُطِلُّ باكيةً
مِن آفاقِ مُخَيلتي
والمَهدُ يَأبَى مُغادَرةَ الصقيع
فالدِفءُ مَنهوبٌ كَعَذابات المَسيح ..
والغَضَبُ شُرِخَت حُنجَرتُهُ فبُحّ صوتُه
تَجلِدُ ظهرَهُ السِياطُ
ويَداهُ مُقَيَّدَتان
يا جَمرَةَ الحُبّ الفريدة
يا مَوئلَ الدمعِ والسُعدِ والوجعِ العَنيدِ
وجولَةً وصَولةً في معارك النُهوض ..
للخروج من دفاتر العَدَم
انجِبني واحضِرني مُتَجَدٌّداً
أَوْدِعني في مَحاكم اليَقين
أُحضن خصلاتِ روحي وخِصالها ..
لِتَتَكاثَرَ قِيامَةً
قد كنتَ تَنتَزِعَ الوِدادَ انتِماءً
يا ميلادي و وُجودي وفِتنَتي
يا مَولودَ الشَفَقِ الأصيلِ واحتِضانَ البحرِ وغناءَ النَوارسِ والعَنادِلِ والرَحيل
بِأنفاسي ورُفاتي
تَيَمَّم وتَعَطَّر
لِتُزهِرَ الثائرينَ على ثَراكَ المُنتَفِض الرافِض
بينَ التِفافاتِ قيودِكَ ..
أدمَنتُ عُنفُوانَ العذابِ واختِياراتي والمُستحيل
قد تَخبو النارُ لِيولَدَ الرَماد، وتَبكي الشُموعُ لِيولد النور
وأنتَ .. أنتَ الخلودُ
وأيُّ شيءٍ عَدا هواكَ ..
سُهادٌ يَزولُ
فإنّ احتِراقي فيكَ
إليكَ يا وطني
ما ضامَني لهيبُ الحُروفِ
لكنّ التَوافِهَ ..
أنجَبوا حَمقَى الرَذائلَ فيكَ عليكَ تَسَيَّدوا
ونَفسي الأَبِيّةُ لا تُطيق
دَعني أحَلِّقُ عنكَ بَعيداً،
وأسكُنُ اختِلافاً
في الكونِ مُثمِراً
أو ثَورةً تدومُ
أجهَشُ بالحَرف
ناراً لَظى ..
تَحرقُ يُتماّ وعُهراً
وذُلّاً وظُلماً وجَهلاً
أُعَبِّدُ دَربَ الواثقينَ الرائعين
لَعلّي وُلِدتُ سِفرَ التَكوينِ وأيقونَةً
حِرزَ الأَزَلْ ..
لِأحيا في صَميم الحِكاية
في خُفوقِ المَنايا ..
ثَورَةً ونوراً وإنارَةً
وإنْ غِبتُ أو تَشَرنَقتُ ..
أعودُ تَجَدُّداً
في قلبِ حَرفٍ
في عطرِ زهرةٍ بَرِيّةٍ
في رِهانِ المُشرِقينَ شموساً فَتِيّة
في وِشاحِ اللوزِ
والزيتون والزَعتَر
أقتَلِعُ الخوفَ مِن جُذوعِ الشُعور، وأجتازُ حَقلَ ألغامِ الشَتات
أُمَهِّدُ وحدي وإياكَ
لانبعاثِ اللِقاءِ عِناداً
يا أنت تُربَتكَ أصلُ الحياة
وأرضكَ أمُّ الأصالَةِ، فهَيّا ..
بَعثروا شَرَفَ السِنينِ على نَحيبي وغِيابي وَوَجَعِ اغتِرابي
أَلينوا دُروبَ الوِفاقِ والنجاةِ والعُبور
لِنَأتيكَ مِن كلٌّ فَجٍّ ..
كلنُّا عاشقين
فنحنُ أنتَ،
وأنتَ لَنا .
“مَهرِي تحريرُ فلسطينَ ”
الشاعرة رانيا شارني تونس..
…
حبيبي
متى نلتقي…..
ونطربُ الآفاقَ بِشدوِنا…
كعصفورينِ ….
بين أغصانِ الشجرْ ….
حبيبي
بأيِّ قلبٍ….
سأُحِبُّكَ …
كلُّ ما أقدرُ عليهِ ..
أَن أكتبَ كلاماً فيكَ ..
يُطربُ الشّمسَ …
ويناغي أهدابَ القمرْ…..
حبيبي
كم حَلِمنا…
كم تمنينا..
كم تناجينا..
وراقصنا بِحُروفِنا
مواويلَ الوترْ….
يا ساكنَ الروحِ…
رُغمَ جُرحي…
رُغمَ آهاتي….
تدغدغُ الروحَ….
وتداعبُ خصلاتَ الشّعرْ…
حبيبي
إن طلبتَني يوماً
وعرضتَ عليَّ الزواجَ
فمهري ثمينٌ …
وإلا لا تأتي وآنتَظر.ْ…..
حبيبي
مهري فلسطينُ
وأبوابُ القدسَ
وأرضُ عيسى وموسى
ومحمدٌ والخضرْ……
حبيبي أنا إمراةٌ مغرمَةٌ..
ليسَ بالمالِ ولا بالجاهِ…
مهري تحريرُ فلسطينَ….
على مذبحِ العشقِ….
ينتحرُ القدرْ…
لا تلُمنِي ٱن بكيتُ يوماً
فالطفولةُ تقتلُ
يزهقُ الروحَ أنجاسٌ
يُيَتِّمُ الأطفالَ
ولا يبالي بالبشرْ….
دباباتٌ تسحقُ الامَّ
وتقتلُ الطفلَ….
لا تبالي بأمٍ ولا طفلٍٍ
دبابةٌ تقصفُ الروحَ….
وطائرةٌ مجنونةٌ …
بها لهبٌ مُستعرْ…..
أينَ العروبةُ ….
أين الأباةُ….
وأين الجيوشُ…
أيا حكامَ أمَّتِنا…..
قلبي بعروشِكُم قد كَفرْ …..
العدد 1190 –21-5-2024