الثورة – السويداء – رفيق الكفيري:
الشعب السوري عبر التاريخ بنى مؤسساته وفعلّها وعززها بجهده وتضحياته، وعملية البناء والإعمار في سورية لا تقتصر على جانب واحد من جوانب الحياة بل تمتد لتشمل الجميع، ومهمة بناء سورية وإعمارها هي بالدرجة الأولى من مهام أبنائها، ولا تقتصر فقط على إعادة ما تم تخريبه خلال سنوات الحرب على سورية في جانب من دون الجوانب الأخرى، إنما البناء عمل متكامل يطول كل مناحي الحياة، ومسؤولية البناء مسؤولية جماعية تقع على عاتق الجميع فتكاتف الجهود لمكافحة الفساد هي عملية بناء، والقيام بالواجبات الوظيفية وكل حسب موقعه، الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، محاربة التهريب وتجار الأزمات، مكافحة الهدر، وأداء الواجب الوطني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ومواجهة الفكر الظلامي التكفيري الأسود، والوقوف إلى جانب جيشنا الباسل في حربه ضد الإرهاب، والوفاء لدماء شهداء الوطن الأبرار، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة.. كلها بمجملها تدخل في إطار عملية بناء الوطن وتقدمه وازدهاره وتعزز من صموده وقوته في مواجهة كل ما يحاك ضده.
وما ذكرناه سابقاً يحدده قلم الناخب.. فاختيار المرشح المعروف في الشأن العام سواء أكان عاملاً أم فلاحاً أم موظفاً في مؤسسة أو دائرة، منظمة شعبية، اتحاد، نقابة، شركة، فبالتأكيد من يكون ناجحاً ونزيهاً ومحباً لعمله ومخلصاً ومتقناً له، ومغلباً المصلحة العامة على المصلحة الشخصية الضيقة، يستحق أن يمثل شريحته في مجلس الشعب، لأن لديه بذور العطاء والانتماء من موقعه وشريحته التي سيمثلها في مجلس الشعب.
فمجلس الشعب لم يكن في يوم من الأيام إلا مجلساً سورياً قومياً بامتياز، المواقف التي أظهرها وأُقرنت القول بالفعل خير شاهد على ذلك، لذلك كان محط استهداف الأعداء الذين لا يروق لهم أن يكون السوريون ومن يمثلهم في جهة الدفاع عن الوطن والعروبة والقيم العربية الأصيلة.
فالعثمانيون القدماء والجدد، وفرنسا والغرب الاستعماري، محاولاتهم لم تنفك في يوم من الأيام لأجل تعطيل الحياة الدستورية في سورية، والاعتداء على البرلمان السوري في التاسع والعشرين من أيار عام 1945 خير شاهد على ذلك، فالشعب السوري الذي كسر إرادة فرنسا ولم يخضع في يوم من الأيام للإملاءات الخارجية، هو شعب قادر على الدوام أن ينهض بمؤسساته الدستورية ويبنيها ويطورها على مقاسه، وليس كما يريد أن يفصلها الآخرون.
إن روح الحرية والإباء التي تطبع الشعب السوري بطابعها على مرِّ العصور، تظهر ملامحها في نشيده الوطني، والتي أوصلته إلى تحقيق حريته من الاستعمار الأجنبي بعد نضال طويل، ليرفرف علم الوطن المستقل شامخاً ويصدح نشيدها الوطني بإباء في أرجاء أرضها المروية بدماء شهدائها البررة، أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.
وما أشبه اليوم بالأمس، فالشعب الذي ينتزع النصر من عيون أعدائه في معاركه التي خاضها على مرِّ العصور، هو قادر اليوم على تحقيق النصر على أعداء الوطن ومن يدور في فلكهم، ومن مقومات تحقيق النصر مشاركة الجميع الفاعلة في الحق والواجب الوطني، انتخابات مجلس الشعب، واختيار من هو جدير بالفعل أن يمثل الشعب ويعمل لمصلحة الشعب وخير الوطن، فرسالة الشعب للعالم أجمع يجب ألا تتغير، وهي رسالة حملها الآباء والأجداد عبر التاريخ، إننا شعب لا نقبل الإملاءات ولا نفرط بسيادتنا واستقلالنا مهما بلغت التضحيات، شعب نمتلك إرادة الحياة الحرة والكريمة، وإرادة التصميم والتحدي، وهيهات منا الذل والهزيمة، والقادم من الأيام سيثبت ذلك.