الثورة – علاء الدين محمد:
موضوع الهوية شائك تتعدد فيه وجهات النظر وتختلف فيما بينها.. لكن تعدد الهويات الوطنية، الشخصية، الإنسانية، الدينية، السياسية.. قد يزيد من الاختلافات بين الكتاب في التفسيرات والاجتهادات في تعريفاتها.
الجلسة السادسة عشرة من الصالون الفكري الأدبي تحت عنوان (الهوية الثقافية ودور الأدب في تعزيز الانتماء) مع الأديب حسن م يوسف، وإدارة الشاعر إبراهيم منصور في ثقافي المزة بدمشق.. طرح مجموعة من الأسئلة على الضيف.
ما الهوية الجامعة لنا جميعاً.. هل هناك حدود لهذه الهوية.. ما الهوية الثقافية الجامعة.. ما دور هذه الهوية الثقافية.. هل هناك إمكانية لتعدد الهويات داخل الإنسان نفسه؟
إن كان هناك إمكانية تعدد للهويات هل هناك صراع للهويات داخل الهوية الواحدة..؟
هل تموت الهوية.. هل الهوية منجز سابق ونهائي ومنجز تاريخي.. هل المجتمع هويته سابقة ومنجزة ونهائية؟ أي أخذت كل أشكالها النهائية، أم هي مستمرة ومتحركة إلى الأمام..
الأديب حسن م يوسف أجاب قائلاً: أنا شخصياً أعتقد أن الهوية كائن حي يولد وينمو ويكبر ويشيخ، وأحياناً يموت.. هناك الهوية الفردية، الهوية الوطنية مثل كل الكائنات الحية تنطوي على مكونات ثابتة وعلى مكونات متحولة، القواميس تعرف الهوية بأنها العوامل التي تثبت أن شخصاً مسمى هو عينه، والمفكرون يرون بأن هويتي هي ما يجعلني غير متماثل مع أي شخص آخر وقد جاء في كتاب (التعريفات) للجرجاني تعريف الهوية بأن يكون الشيء هو هو.
كل شعب يقوم بترتيب مقومات هويته حسب وعيه وحسب ظروفه التاريخية في مجتمعنا هناك صراع بين الهويات أنماط عديدة من الهويات.
الهوية التقليدية هي التي يعتقد صاحبها أنها منجزة ومستمرة من الماضي، ما هي ثابت ومغلق ونهائي، مثال ذلك من يقولون العقل في النقل، أما في أوقات الأزمات مثل الظرف الذي عاشه السوريون ونعيشه الآن يختار بعض الجماعات من ماضيهم جزئية ويلغون ما قبلها أو بعدها.
مثال أنا فينيقي أو أنا فرعوني. أعتقد أن تلك الممارسة هي نوع من الطفولية الثقافية لأنه بكل بساطة الهوية ليست خياراً من وجهه نظري، لأن الهوية تجري في دمنا فهناك مكونات يمكن أن تكتسبها مثل ما يفعل الشخص عندما يحصل على إجازه جامعية مثلاً ولكن لا يستطيع أن يستبدل أباه وأمه أو وطنه.
فتلك مكونات لا يمكن أن نغيرها أبداً.
وأضاف: أعتقد أن اللغه ليست وسيلة للتواصل بين البشر فقط، بل إنها جوهر الهوية الوطنية والإنسانية، إنها شعاع من نور يحفظ تراث الإنسانية، ويحفظ تراث المجتمع والأفراد، وأهم مكون للهوية العروبة المفهوم الجامع الذي يمكن أن يجد الجميع تحته والعروبة ليست عرقاً إنما هي ثقافة.
من تكلم العربية فهو عربي، قناعتي وخلاصة ما توصلت إليه أن العرب يستطيعون أن يخرجوا من التاريخ كل بمفرده لكنهم لا يستطيعون دخوله إلا مجتمعين.. يقول محمود درويش “أعتقد أن اللغة هي هوية لا بالمعنى الوطني والقومي، إنما هي هوية إنسانية، إننا لن نستطيع أن نعرف الوجود، إلا إذا عثرنا على اللغة، فهي تشير إلى الموجود، وحيث تكون اللغة هناك تاريخ”.
الأهم من ذلك ما قاله ابن خلدون “الوسيلة التي تترجم ما في ضمائرنا من معاني هي اللغة، وإنها مرآة للعقل تعكس ما يحتويه، فإن هي تصدعت وضعفت أوهنت الجهد وحرمت الدقة ومنعت تسامي العقل والقلب.
في الخلاصة أشار حسن م يوسف أن الهوية في الأدب تطرح أسئلة على القارئ أو على النفس أياً كان، هي من أنا؟ ماذا أريد؟ إلى أين؟ هذه الأسئلة التي تبدو بسيطة باعتقادي هي تسهم في صياغة هويتنا.. تسهم في صياغة الجزء المتحول من الهوية وكما قلنا إن هناك أشياء تكتسب، وهناك أشياء غير قابلة للاكتساب بل راسخة في دمنا.