الثورة – منال السماك:
حالة من الفوضى العارمة تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي لا ضوابط لها، أخبار وصور خاصة لا شان لنا بها، ولكنها تخترق عالمنا وعقولنا من باب العلم بالشيء ليس أكثر ، ربما لا تعنينا لا من قريب او بعيد، ولكن هناك من يلهث وراء عرض حياته الخاصة على الملأ، البعض منهم بدافع المباهاة والتفاخر والاستعراض، وآخرون يدفعهم حب تحدي الغير بامتلاك ما لا يملكون، لاستفزاز الغيرة والحسد من خلال استعراض الهدايا والطعام، وحياة مترفة تزخر بالتسوق والرحلات، وارتياد المطاعم وتصوير موائد توقظ حسرة المحرمين.
حالات الواتس واحدة من منصات الاستعراض والتباهي في عصرنا الراهن، التي يحرص البعض على النشر المتتابع لحياته الخاصة، كون الواتساب من أكثر وسائل التواصل رواجاً، فيبث صوراً ومقاطع فيديو لنشاطاته الاجتماعية، ووضعه النفسي وحالاته المزاجية وخصوصياته العائلية، من دون مراعاة لمشاعر الغير ، أو الحرص على خصوصيته الشخصية بنشر ما لا يليق به أن ينشر .
فما الفائدة من تصوير وعرض ضيافة أعدها البعض لاستقبال ضيوفه، وما الغاية من التقاط صور للقاءات بين الأصدقاء والأهل في مطعم فاتورته تستفز جيوبنا الفارغة، وما الحكمة من التباهي بالمشاعر الفائضة التي تكنها الزوجة لزوجها عبر نشر أغان تعبر عن تلك الحالة الخاصة؟.
أسئلة كثيرة تزدحم في عقلي أمام تواتر وصول حالات الواتساب إلى هاتفي النقال ، فالمشاعر الخاصة لتلك أو ذاك، ليس مكانها على هواتفنا النقالة، والاستعراض والتباهي ونشر الخصوصيات، ربما يكون مداعاة لحزن البعض بعدم امتلاك ما يملكه العارضون، وقد يكون محبطا لآخرين لعدم قدرتهم على مجاراة ذاك الاستعراض الفاخر من ملابس ومقتنيات وأطعمة ورحلات ونزهات، وربما يغرق البعض من متابعي تلك الحالات بالخيبة، والشعور بالعجز المادي أو المعنوي أمام أمواج التحدي الاستهلاكي الذي يتمتع به البعض من دون الآخرين.
لنحمي خصوصياتنا.. فهي ليست للنشر والإعلان، فهي تعنينا نحن فقط، ولنتحفظ جيداً في نشر حالات على الواتساب، فلا نجرح مشاعر الآخرين ولا نستفز النقص المادي والمعنوي للبعض ممن لا يملكون ما يتم نشره، فوسائل التواصل الاجتماعي وجدت لتسهل حياتنا وجعلها أكثر جودة وسعادة، ولم توجد لتعقيد علاقتنا الاجتماعية، وجعلها أكثر توتراً واستفزازاً، وربما خيبة من خلال عقد المقارنات بيننا وبين الآخرين.