الثورة – عبير علي:
بدأت فكرتها منذ سنوات من مقولة بول كلي: “من يرسم يجب أن يمتزج بالموسيقا “، إلا أن تعرف الفنان ومنظم الاحتفالية الفنان أديب مخزوم على عارضة الباليه والمدربة رينا علو وتعاونهما وسع آفاق الحوار الإبداعي، ليصبح ( لقاء التشكيل بالموسيقا والباليه ) هو عنوان الاحتفالية، التي أقيمت في المركز الثقافي العربي بالميدان، وشارك فيها 80 فنانا وفنانة من جميع المحافظات،وكانت المواضيع المطروحة في لوحاتهم موسيقية حصراً.
ولأن العلاقة بين التشكيل والموسيقا في الاحتفالية كانت حقيقيـة، وليست افتراضية، وإنطلاقاً من مقولــة بول كلي:”يجب أن نعود العين على الإنصات إلى اللوحة، فقد بدأت الاحتفالية بفقـرات موســيقية حية، ورســم مباشر على المسرح على إيقاع الموسيقا للفنان عبد الله صالومة على إنسيابات فلوت العازف كمال منيني، واستغرقت ربع ساعة. وكانت كل حركة أو ضربة لونية هي مصدر من مصـادر الإيقاع الموســيقي، المقروء بالعـين، وظهرت اللوحة وكأنها نوتة موسيقية.
ولقد تميزت الاحتفالية بحضور جمهور كبير شغل كامل مقاعد الصالة والفسحات المجاورة، خلال تقديم فرقة الرين للباليه عروضها بإشراف المدربة والفنانة التشكيلية رينا علو، التي جمعت بين التشكيل وعروض الباليه لتفتتح بعدها معرضها الفردي الخاص بلوحاتها، ولقد شجعت بعض طالباتها على سلوك طريق الجمع بين التشكيل والباليه، وهذه ظاهرة جديدة في حياتنا الفنية والثقافية، ليس في سورية فقط، وإنما في خارجها أيضاً.
تركزت معظم لوحات المعرض على موضوع الموسيقا، ومفتاح صول والنوتة الموسيقية المجسدة في العديد من اللوحات ، وبرز اللون العفوي الأكثر قدرة على إطلاق الإيقاعات اللونية الغنائية، التي توحي بالموسيقا البصرية في المدى التشكيلي .
ولقد تنوعت التقنيات ( زيتي، أكريليك، مائي،فحم، رصاص وغيرها) كما جاءت الفنانة كوثر العثمان من حلب لتعرض لوحة فسيفسائية منفذة بأحجار صناعية ملونة تحمل ثمرة خبرتها في هذا المجال، إضافة لوجود منحوتات بتقنيات مختلفة وأعمال خزفية، وحملت معظم اللوحات، إيقاعات لونية تنشد الاختزال والصفاء، في معالجة المواضيع الموسيقية، ووصلت الى حالات الفرح المتولد من رؤية إيقاعات الطرب اللوني الغنائي.
وفي تصريح لصحيفة الثورة أوضح “مخزوم” أن الاحتفالية بحثت من خلال الألوان المشرقة، عن إشراقة أمل، وكشفت عن الولادة الجديدة المفعمة بحب الحياة .
ومن هذا المنطلق عمل على إيجاد حالة من التبادل والتداخل بين المؤثرات البصرية والسمعية ( باليه ، موسيقا، تشكيل ) في خطوات الوصول إلى عمق الفن الحديث، من خلال الاستفادة من الإمكانات اللامحدودة لمعطيات الألوان والخطوط العفوية، والحروف.
موضحا أن انفتاح لوحات ومنحوتات المشاركين في المعرض، على مختلف الفنون (باليه، موسيقا، مسرح .) عمل على توطيد وتعزيز وتطوير تعبيرية الأداء الفني البصري والسمعي .
واعتبر من جهة آخرى أن اللوحات المشاركة عملت على إيجاد نوع من الموازنة والمواءمة بين الجانب التعبيري المتمثل بتبسيط الأشكال وإبراز انفعالية اللون، وبين الجانب التجريدي الذي تعمل من خلاله على معالجة المساحات اللونية، وإيجاد إيقاعات بصرية من خلال إبراز سماكات اللون وشفافيته، مع الإبقاء على جوهر الحركة العفوية، التي تجسد روح الشكل الواقعي، بعد إزالة ملامحه الخارجية .
ورأى مخزوم أن الأعمال المشاركة قادرة على توءمة الباليه والموسيقا بالفن التشكيلي، من خلال صياغة فصول تكاوين العناصرها البصرية أو ما يسمى بالإحساس التلقائي، في صياغة حركات اللون العفوي المتتابع في فضاء اللوحة، والذي تتوالد من إيقاعاته مؤشرات الإحساس بحركات رقص الباليه، التي نجدها في بعض اللوحات إلى جانب الحروف والكتابات .
وأشار الى أنه يمكننا أن نشاهد الإيقاع الحواري بين اللمسات اللونية المتجاورة أحياناً وهذا يسمح ببروز إيقاع موسيقي خاص لدلالة اللون في مساحة اللوحة.
وختم بالقول: “هكذا امتزج في هذه التظاهرة رقص الباليه مع الموسيقا والتشكيل، لبناء علاقة مع جمهور كل هذه الأنماط الإبداعية، التي ساهمت في كسر حالة القطيعة القائمة بين الفن التشكيلي والجمهور” .
