الملحق الثقافي-غسان شمة:
على مدى عقود طويلة مضت كان سؤال النهضة العربية والحداثة، بل أسئلتها، ينطوي على كثير من الجدل والمشروعية في إثارته وإعادة طرحها والحوار السخن معها ذلك أن معظم المشروعات الفكرية التي تصدت للإجابة على هذه الأسئلة الكبيرة، لوضع خطوة أولى على طريق الحداثة والنهضة، بدت قاصرة، أو غير قادرة على الخروج من عباءة الماضي بأجوبته المنجزة، وبعضها مني بفشل يعود إلى طبيعة الواقع الفكري والاجتماعي على امتداد عقود طويلة، وأصيب العقل والفكر العربيين، بما أطلق عليه البعض مصطلح النكوص، نتيجة أحداث عديدة شهدتها المنطقة العربية، ما انعكس سلباً على مسار هذه النهضة وأصاب قطارها بعطب جزئي أو كلي!.
د.غسان السيد في كتابه «القطيعة المعرفية والحداثة بين العقل الغربي والعقل العربي «الصادر ضمن آفاق ثقافية- الهيئة السورية للكتاب، يلقي الضوء مجدداً على جانب واسع من هذا الجدل عبر الحفر عميقاً في القيمة الفكرية والمعرفية لتلك المشاريع التي أثارت زوابع من الجدل الفكري وإن لم تسلم من بعض «المشكلات الكبرى» بسبب الفكر الذي كان مشدوداً بحبال متينة إلى جذور الماضي ومعطياته التي أسبغ عليها الكثير من ظلال الوثوقية والصلاحية الزمنية ما أثر بشكل واضح على فضاء حرية التفكير والحوار في إطار البحث عن نظرية يمكن أن تمهد بشكل «سليم أو صحيح» لانطلاقة جديدة ومعاصرة.
تميز الكتاب بجهد كبير وجليل من قبل الباحث د.غسان السيد في قراءة ونقد تلك المشاريع التي استعرض جوانب واسعة منها عبر أعمال كتاب ومفكرين مثل: في مقدمتهم مشروع محمد عابد الجابري «المهم» ..كما يستعرض جوانب من المشروع النقدي للباحث جورج طرابيشي الذي تناول أعمال العديد من المفكرين بالدراسة والنقد، والمشكلات التي اعترضت تلك المشاريع.
ولا بد من الإشارة إلى أن الكتاب تحدث في مفتتحه عن الأسباب التي مكنت العقل الغربي من إنجاز حداثته التي دفعت العالم الأوروبي إلى المضي بشكل متسارع في قطار تقدمه على مختلف المستويات الفكرية والمادية.
كتاب جدير بالتقدير والقراءة خاصة في هذا الزمن الذي مازال فيه السؤال موقع شبهة؟!.
العدد 1196 –9 -7-2024