قراءة في كتاب “الهشاشة النفسية وضياع الأجيال”

 

يمن سليمان عباس:
كلما فتح نقاش ولو عابراً حول المجتمعات تتردد عبارة الأجيال الماضية كانت أصلب منا وأقوى.. يعرفون ما يريدون وإلى من تتوجه البوصلة.
ترى ماذا حلَّ بنا وكيف.. وهل فعلاً هذه الإنجازات الحضارية التقنية جعلتنا ضعفاء؟..
لماذا أصبحنا أسرى الهشاشة النفسية..
ولماذا غدا الطب النفسي هو الأكثر حاجة وضرورة؟..
هذا ما يتناوله كتاب الهشاشة النفسية لمؤلفه الباحث اسماعيل عرفة الذي يبدأ بطرح السؤال:
لماذا أصبحنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟..
يهدف هذا الكتاب الذي يُعَدُّ باكورة المؤلفات العربية عن الهشاشة النفسية إلى تسليط الضوء على الظاهرة، ولفت نظر المعنيين بالأمر إلى ضرورة أخذها في الاعتبار بمزيد من الأبحاث والدراسات.
‏1- الجيل الرخو..
يرى الكاتب أن جيل الشباب الحالي مقارنةً بما سبقه من أجيال يتصف بضعف لا يؤهله لمواجهة أبسط مشكلات الحياة الشخصية، فضلاً عن تحمل مسؤولية فكرة أو قضية كبرى، تلك المشكلات كان الجيل السابق في نفس السن يستطيع مواجهة أصعب منها وفي ظروف أشد،
‏وقد يصل الشاب إلى سن الخامسة والعشرين وهو لايزال في تفكيره وتصرُّفه ابن الخامسة عشرة كأنه لم يتجاوز المراهقة ولم يدخل سن النضج، ويميل أكثرهم إلى تضخيم مشكلاتهم، ويملؤهم شعور بأنهم يستحقون كل شيء دون بذل الجهد المطلوب، وإلا فالاكتئاب وكره الحياة هو البديل.
‏2- هوس الطب النفسي
ثَمَّ صعود سريع لموضة الطب النفسي بجعله الخيار الوحيد لأي مشكلة تواجه الإنسان، يدفع هذا إلى التساؤل عن طبيعة دور الطب النفسي ومتى يجب اللجوء إليه.
يختلف الأطباء وواضعو الدليل التشخيصي لأمراض النفسية حول تعريف أبسط الأمراض المستخدمة وكيفية تشخيصها،
‏فاضطراب الصدمة مثلًا لم يكن يُستَعمَلُ إلا لتوصيف الصدمة الجسدية لكنه صار يُطلَق مؤخرًا على أي أذًى نفسي يتعرَّض له الإنسان، يضاف إلى ذلك غياب الموضوعية في الحكم، فلا يوجد أي دليل علمي موضوعي على الأعراض التي يتم من خلالها تشخيص الاكتئاب الحاد مثلًا،
‏إنما هو اتفاق واضعي الدليل التشخيصي، ويتقاطع ذلك مع كون مصدر التشخيص هو (المريض) نفسه الذي قد يميل إلى تضخيم المشكلة.
‏3- الفراغ العاطفي والفراغ الوجودي..
احتياج الإنسان إلى الحب والعاطفة احتياج فطري، ونظراً إلى تأخُّر سن الزواج في المجتمعات العربية وعدم تفهُّم الأهل طبيعة مشاعر أبنائهم وعدم توفِّر الحواضن التي تضمن لهم النمو النفسي والعاطفي السليم، هذا السعي من أجل شغل الفراغ القلبي يوقع كثيراً من الشباب في فخِّ المشكلات النفسية الناتجة عن العلاقات العاطفية التي تبدأ بشكل خاطئ وتنتهي بشكل خاطئ.
لذا يجب أن تتفهم الأسرة حاجات أبنائها وبناتها واحتوائهم بشكل صحي وسليم، وأن يأخذ الشباب بأسباب الوقاية من الانجرار إلى وهم الحب غير الناضج.
‏4- وسائل التواصل الاجتماعي..
تسبَّبت وسائل التواصل في ترسيخ العديد من الصفات عند شباب هذا الجيل مثل تعزيز النرجسية، فهي قائمة على التفاعل والمزيد منه، حتى إن المستخدم لها قد يحسب قيمته بما يجنيه من تفاعلات ومشاركات، وهذا النظام البائس رسَّخ حالة غير مسبوقة من إحساس الفرد الزائف بذاته، وجعله يسعى بشكل مستمر إلى الوجود على الفضاء الإلكتروني، وقد يسعى إلى إثارة الجدل فقط من أجل الحفاظ التفاعل والأضواء.
ومن تلك الصفات التغيير من أجل التغيير، فأطول فترة لأي موضوع يتم مناقشته على وسائل التواصل لا تتجاوز الأسبوع في أفضل الأحوال، أدى ذلك بالشباب إلى تقديس التغيير المستمر والإصابة بالملل السريع، وتلاشت قدرتهم على التركيز واتباع روتين ثابت، وهذا التسابق المحموم يتعارض مع قوانين الحياة التي تقرِّر ألا نجاح يأتي إلا بعد صبر طويل وعمل دؤوب دون توقُّف، وعندما لا يرى المتسرع نتائج فورية يصاب بالإحباط واليأس.
‏5- مخدرات الشغف..
هل سمعت عن بيع الهواء في قوارير من قبل؟ هذا حرفياً ما يفعله المتحدثون التحفيزيون وخبراء النجاح، هؤلاء الذين يكسبون رزقهم من تغذية الشباب بقصص الناجحين الذين تركوا حياتهم الجامعية ولهثوا وراء أحلامهم ثم وصلوا إلى قمة الشهرة والغنى مثل بيل جيتس وغيره، ويدعونهم إلى الجري وراء ما يحبون من أجل تحقيق أحلامهم وإخراج المارد الذي يختبئ داخلهم، وإلا فهم فشلة ويستحقون ما هم فيه من فقر.
المشكلة في هذا الخطاب أنه يتم شحن طاقة الشباب للتغيير والمغامرة، دون دراسة جيدة لإمكاناتهم ومع تجاهل متعمد لكمِّ المصاعب التي تلزم مواجهتها لإنجاح أي عمل، وأيضاً لا يلزم بالضرورة العمل في شيء تحبه أو يرضي هواك، فكل عمل مهما كان الإنسان شغوفاً به لا بدَّ أن يعتريه خلاله الملل ويتطلَّب الصبر على الإنجاز،
‏وإذا لم يمتلك الشاب تلك الصفات فلن يسعفه شغفه إنما سوف يصاب بالإحباط

آخر الأخبار
"بوابة العمل" تصنع الفرص وتستثمر بالكفاءات المعرض الدولي لإعادة الإعمار فرصة جديدة للبناء في سوريا "المركزي": تفعيل التحويلات المباشرة مع السعودية يدعم الاقتصاد لجنة "سلامة الغذاء" تبدأ جولاتها على المعامل الغذائية في حلب "إعمار سوريا": نافذة الأمل للمستثمرين.. وقوانين قديمة تعوق المسيرة محافظ حلب يفتتح ثلاث مدارس جديدة في ريف المحافظة الجنوبي تعاون بين "صناعة دمشق" ومنظمة إيطالية لدعم التدريب وتأهيل الشباب الرئيس الشرع يبحث مع الأمير بن سلمان التعاون الثنائي آلية جديدة لخفض تكاليف إنتاج بيض المائدة في دمشق وريفها  سوريا تعلن اعترافها الرسمي بجمهورية كوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة  الرئيس الشرع خلال جلسة حوارية في الرياض: السعودية تشكل أهمية كبرى للمنطقة وسوريا ركيزة أساسية لاستقر... 2500 فرصة عمل في ملتقى بوابة العمل الرابع بدمشق "الرياض 2025".. ضوء أخضر لجذب الاستثمارات العالمية إلى سوريا الشرع يلتقي السواحة وأبو نيان والجاسر في الرياض خبير نفطي يقترح خطوات إنقاذية لقطاع النفط المتهالك الوفد السوري يشارك في لقاء النخب الاقتصادية بالرياض عاصم أبو حجيلة: زيارة الشرع للرياض تعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة دمشق الذكية.. من ماروتا وباسيليا إلى مدينتين خضراوين "تقانة المعلومات": خطوات ثابتة نحو أمن رقمي متكامل مشاركة سوريا في "مبادرة الاستثمار" رسالة اطمئنان للمستثمرين