بقرار مصرف سورية المركزي الصادر أول من أمس يتضح وبشكل جلي أن البنية التحتية واللوجستيات في القطاع المصرفي – المعني به بشكل مباشر وليس غيره- غير جاهزة وغير كافية للتعامل مع الحسابات التي ستتلقى الدعم النقدي المزمع حكومياً بدلاً من الدعم السلعي.
بقراره خلق فئة من المعتمدين على شكل وسطاء ما بين المواطن وحسابه المصرفي، يعي المركزي تماماً قصور أدوات القطاع المصرفي عن النهوض بهذه المهمة، كما يعي بأن القرار هذا صدر بلا دراسة متأنية ولا تدقيقاً بالنظر إلى أن الميزان مال كما هي العادة لمصلحة القرار وليس لمصلحة تهيئة أسباب نجاحه، أي أن القرار سيصدر سيصدر لا محالة، فأوجدوا له حلولاً ترقيعية.
وكما نعرف في الأداء الخدمي كما الإداري، فإن الحل الترقيعيّ يغدو حلاً دائماً ويتم تدوير الزوايا على حساب المواطن للتعامل مع القرار الخاطئ وآلياته الخاطئة وأدواته الخاطئة، وما النتيجة هنا..!!
النتيجة أن كل مواطن من معدومي الدخل ممن ينتظر 50 او 80 او 100 او 300 ألف ليرة لتغير حياته (وهي لا تكفي مصروفه ليوم واحد) إنما سيضطر إلى دفع عمولات لكل وسيط من هؤلاء الوسطاء الذين سماهم القرار معتمدين حتى يتعامل مع حسابه المصرفي بعد الطوابير الإضافية المهولة التي ستوجد، لتبدو طوابير الرواتب على الصرافات أمامها لعبة أطفال.
ألم يكن المركزي موجوداً في الاجتماعات التي أفضت إلى الخروج بهذا القرار؟
ألم يطرح المركزي كل المعوقات التي تعترض تنفيذ هذا القرار؟
ألم يناقش المركزي بأن القطاع المصرفي غير قادر على النهوض بمتطلبات فتح نحو 2,5 مليون حساب إضافي؟
أين كان المركزي من كل ذلك؟ لعل المسألة ليست هنة هنا او عثرة هناك، بل المسألة غالباً ضعف أداء، فقبلها مباشرة عند فتح الحسابات بدأ التخبط وبدأ خبط العشواء، وبات كل مصرف يحدد عمولاته بنفسه فهذا يرفع العمولات ويقول لك لا داعي لإيداع رصيد، والآخر يخفض العمولات ويقول لك أودع الرصيد، ليأتي المركزي ويحدد الضوابط بعد صدور القرار بفترة ما يعني بأن القرارات تصدر وهو غير معروف الموقف ولا تقبل هنا كلمة متفرج لأنه السلطة النقدية الوحيدة والأعلى في طول البلاد وعرضها.
هي نقطة من مجمل نقاط لم يكن المواطن يتعامل معها سابقاً على اعتبار عمل المركزي تخصصي، ولكن الآن وبعد أن بدأ التعامل اليومي بشكل مباشر مع القرارات، بدأ المواطن يلمس هذه القرارات وعشوائيتها.