الوعي النقدي للمجتمعات الغربية

الملحق الثقافي- عبد الحميد غانم:
يستخدم النظام المهيمن في المجتمع الغربي الدكتاتورية غير المرئية للنزعة الاستهلاكية القهرية للسلع المادية لإبطال مُثُل الفرد البدائي، وتحويله إلى كائن غير نقدي وخائف وممتثل يشكل كائناً غير متجانس يسهل التلاعب به، وله كأثر جانبي اختفاء الوعي النقدي.
يعرّف هيرمان هيسه في كتابه ستيبنوولف (Der Steppenwolf، 1927) البورجوازي بأنه «الشخص الذي يحاول دائماً أن يضع نفسه في المركز، بين النقيضين، في منطقة معتدلة وممتعة، دون عواصف أو عواصف عنيفة».
ولذلك فهو بطبيعته مخلوق ذو نبض حيوي منخفض، خائف من الاستسلام، سهل الانقياد.
ولهذا السبب استبدل السلطة بحكم الأغلبية، وقوة القانون، ومسؤولية التصويت. ومن الواضح أن هذا الكائن الضعيف والخائف، حتى لو كان موجوداً بهذه الأعداد الكبيرة، لا يمكنه أن يعيش بمفرده وعلى أساس صفاته، ولا يمكنه أن يلعب أي دور في العالم الآخر غير دور قطيع من الحملان بين الذئاب الهائمة.
من جانبه، درس الأميركي هارولد لاسويل (أحد رواد «البحث في مجال الاتصال الجماهيري»)، تقنيات الدعاية بعد الحرب العالمية الأولى، وحدد طريقة للتلاعب بالجماهير (نظرية «الإبرة تحت الجلد»). أو الرصاصة السحرية)، وهي النظرية التي جسدها في كتابه تقنيات الدعاية خلال الحرب العالمية (1927).
وتتكون هذه النظرية من «حقن فكرة معينة في السكان باستخدام وسائل الإعلام من أجل توجيه الرأي العام لصالحه وتحقيق تمسك الأفراد بأيديولوجيتها السياسية دون اللجوء إلى العنف».
ولذلك فإن صحوة الوعي النقدي لا بد أن تنتظر حتى يصل عدد معين من الأشخاص (الكتلة الحرجة) إلى مستوى أعلى من الوعي، وعندها يكون الفرد قادراً على تحقيق قفزة تطورية وإحداث تغيير في العقلية، وهي الأطروحة المعروفة مثل نظرية القرد المائي والتي صاغها عالم الأحياء ليان واتسون في كتابه مد الحياة الذي نشره عام 1979.
وتعني فرضية القرد المائي، والتي يشار إليها مؤخراً بنموذج المجرى المائي هي فكرة أن بعض أسلاف البشر المعاصرين كانوا أكثر مائياً من القردة العليا الأخرى وحتى العديد من البشر المعاصرين، وعلى هذا النحو، كانوا من الخواضين والسباحين والغواصين. تم اقتراح الفرضية في شكلها الحالي من قِبل عالِم الأحياء البحرية أليستر هاردي في عام 1960، الذي جادل بأن التنافس على الموارد الأرضية مع الأجناس الأخرى، أجبر فرعاً من القرود للبحث عن طعام على شاطئ البحار أو في قاعها مثل المحار مما أدى إلى تكيفات التي تفسر بعض الخصائص البشرية مهمة مثل تساقط الشعر عن الجسم والتحرك على قدمين.
مما سبق يمكن استنتاج أنه لتحقيق ذلك، تكون عملية التنفيس وما يتبعها من تحولات جماعية في المجتمع الغربي الحالي أمراً لا مفر منه، الأمر الذي يتضمن دلالة مزدوجة للحركة الجسدية (تتبع المسار الذي يسلكه) والحركة النفسية (تغيير السلوك). عقلية بعد التخلص من الصور النمطية القديمة المعمول بها، لتخفيف المواد الأفيونية التي تمنع الوعي النقدي (النزعة الاستهلاكية القهرية).
والنزعة الاستهلاكية التي يتصف بها المجتمع الغربي.. هي ظاهرة معقدة لها آثار إيجابية وسلبية على المجتمع. وفي حين أنه يمكن أن يغذي النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، فإنه يمكن أيضاً أن يعزز المادية، ويؤدي إلى التدهور البيئي، وخلق عدم المساواة الاجتماعية.
من المهم للأفراد والمجتمع كله أن يكونوا على دراية بتأثير النزعة الاستهلاكية وأن يتخذوا قرارات مستنيرة بشأن عاداتهم الشرائية.
النزعة الاستهلاكية هي ظاهرة كانت في ازدياد خلال القرن الماضي. إنها نظام اجتماعي واقتصادي يشجع الناس على شراء السلع والخدمات بكميات متزايدة.
لقد أصبحت النزعة الاستهلاكية أسلوب حياة لكثير من الناس حول العالم، ولها تأثير كبير على المجتمع. يجادل بعض الناس بأن النزعة الاستهلاكية مفيدة لأنها تغذي النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل.
ويرى آخرون أنها ضارة لأنها تعزز المادية، وتؤدي إلى تدهور البيئة. وبغض النظر عن موقف المرء من النزعة الاستهلاكية، فمن الواضح أن لها تأثيراً عميقاً على الطريقة التي نعيش بها حياتنا.
وفيما يلي بعض الأفكار الرئيسة حول تأثير النزعة الاستهلاكية على المجتمع:
– النزعة الاستهلاكية تعزز المادية وثقافة الاستهلاك. ويتم تشجيع الناس على شراء المزيد والمزيد، وغالباً ما يكون ذلك على حساب رفاهيتهم ورفاهية الكوكب. على سبيل المثال، أصبحت الموضة السريعة صناعة رئيسية في السنوات الأخيرة، حيث يشتري الناس المزيد من الملابس أكثر من أي وقت مضى. وقد أدى ذلك إلى مشاكل بيئية مثل التلوث والنفايات.
– تخلق النزعة الاستهلاكية حلقة من الديون وانعدام الأمن المالي. يشعر العديد من الأشخاص بالضغط لمواكبة أحدث الاتجاهات والتقنيات، والتي قد تكون باهظة الثمن. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحمل الأشخاص ديوناً أكثر مما يمكنهم تحمله، مما قد يؤدي إلى مشاكل مالية وضغوط نفسية.
– يمكن أن يكون للنزعة الاستهلاكية تأثير سلبي على الصحة العقلية. الأشخاص الذين يتم قصفهم باستمرار بالإعلانات ويتم تشجيعهم على استهلاك المزيد يمكن أن يصابوا بالتوتر والقلق. قد يشعرون أنهم غير راضين أبداً عما لديهم، مما قد يضر بصحتهم العقلية.
– يمكن أن تؤدي النزعة الاستهلاكية إلى عدم المساواة الاجتماعية. لا يتمتع الجميع بنفس مستوى الوصول إلى السلع والخدمات، الأمر الذي يمكن أن يخلق إحساساً بالتسلسل الهرمي الاجتماعي. على سبيل المثال، قد يُنظر إلى الأشخاص الذين يستطيعون شراء أحدث الأدوات والتقنيات على أنهم أكثر نجاحاً أو أهمية من أولئك الذين لا يستطيعون ذلك.
– يمكن للنزعة الاستهلاكية أن تخلق شعوراً بالفراغ وعدم الرضا. قد يجد الأشخاص الذين يسعون باستمرار إلى استهلاك المزيد أنهم غير راضين حقاً أبداً. قد يشعرون أن هناك شيئاً مفقوداً في حياتهم، مما قد يؤدي إلى الشعور بالفراغ وعدم الرضا.
لذلك تفتقد المجتمعات الغربية الوعي النقدي، وتلتصق أفكار شعوبها بما تمليه عليه النخبة السياسية، لكن ما جرى ويجري مؤخراً من حراك شعبي وطلابي ضد السياسات الغربية الداعمة للكيان الصهيوني وجرائمه وحرب الإبادة في غزة، أفرز حالة جديدة عن ظهور حالة الوعي النقدي لتلك السياسات التي كنا نفتقدها، في كانت موجودة في حالة الفكر الاجتماعي والعلمي والتقني، وكانت ممنوعة في السياسات والممارسات السياسية للأنظمة الغربية.
                           

العدد 1197 – 16 -7-2024     

آخر الأخبار
في أروقة وبوابات المعرض.. سوريا تتعافى وتستقبل العالم الاعتداءات الإسرائيلية تقوّض استقرار سوريا.. متى يضطلع مجلس الأمن بمسؤولياته؟ هيئة المنافذ تبرز ما أنجزته في مشاركتها بمعرض دمشق الدولي تفاعل إعلامي واسع يواكب انطلاقة معرض دمشق الدولي ماذا تعرف عن "خلية الشرعنة" الإسرائيلية السرية في غزة؟ فسحة للترفيه الاجتماعي وتطوير الفكر النقدي.. ميّا: مساحات في المعرض لاكتشاف الهوية الشخصية والثقافي... جهود قطرية متنامية لدعم القطاعات الحيوية والتنمية المستدامة في سوريا فريق المتطوعين في معرض دمشق الدولي..أصوات من خلف الكواليس تركيا.. دعم متواصل لسوريا في وجه التحديات الأمنية والاقتصادية المعارض استثمار استراتيجي يعزز مكانة الدولة السلع السورية بين المنع والتقييد إلى الأردن.. فعاليات اقتصادية لـ"الثورة": الحسابات غير متوازنة خطوة لضمان استمرارية التميز.. قرارٌ بتخفيض نسبة الاستمرار في مدارس المتفوقين إلى 80 بالمئة استضافة بلا نهاية ومعاناة تتجدد.. طلاب الرقة غرباء في جامعاتهم بصرى الشام تكتسي حلل الجمال لإطلاق "أبشري حوران" عودة البنوك إلى نظام" SWIFT" خطوة محورية نحو انتعاش اقتصادي جديد معرض دمشق الدولي.. إنعاش للآمال وعودة للمسار الاقتصادي قصص نجاح جديدة تُكتب بإرادة أبناء سوريا .. رجل الأعمال أحمد رغاب حسين: المعرض بوابة الاستثمار وبناء... "اللؤلؤ المنثور" بين الفن والطب بمعرض اللاذقية مؤسسة فكر وقلب.. للتمكين والتعليم والتنمية معرض دمشق الدولي.. نواة جذب وعنوان الثقة والأمان