هي على بوابة الخلق..
على حافة أن تخلق من جديد..
مُعلّقة تماماً بين نسخة حالية، ونسخة مستقبلية.. بين ما هي عليه.. وما ستكون عليه..
ما تعرفه وما يعرفه.. بين ما اعتبرته شيئاً معتاداً بالنسبة لها وبين ما هو اكتشاف جديد بالنسبة له.
الاكتشاف.. الكشف.. الخلق.. بكل ما يعنيه من منح حياة وفرص جديدة..
وربما كان أبعد من ذلك..
لكن ما هو الشيء “الأبعد والأهم من منح الحياة”..؟
في لحظتها تلك..
ما يبدو الأهم من الحياة بحدّ ذاتها هو القدرة على “إنعاشها” و”تجديدها” عبر محاولات دائمة لعيشها بمعانٍ وزوايا عديدة لا حدّ لها.
قرأها.. وأجاد قراءتها.. أكثر مما أجادت قراءة نفسها لسنوات كثيرة..
ما الشيفرة التي استخدمها لفك “ما وراء” حروفها..؟
للمرة الثانية يُذهلها.. ويفاجئها.. ويدفعها للوقوف على عتبات من التفكير الذي لا ينتهي.
لم تدرك من منهما صاحب الاكتشاف الأجمل والأسعد..
أيكون هو بقوة ملاحظته وذكاء رأيه.. أم تكون هي باكتشافها لفكره وكلماته وكل وجوده..
تصوروا..
جمالية أن تمنحنا الحياة من يستطيع قراءتنا أكثر مما نستطيع قراءة أنفسنا..
هالات من السحر ينثرها في دربها.. كميات من القوة والقدرة على الخلق من العدم تستطيع استنباطها من كلماته وحكمته..
الكلمات.. ذات السحر المتبادل بينهما..
التعويذة التي تجعلنا مقروئين لمن يمتلك الرغبة (بإبصارنا).
(يقرؤها).. ويجيد (قراءتها)..
بعمقٍ.. وأبعد من كل الكلمات..
هو لا يقرؤها فقط..
بل يعيد، بكلماته، نحتها.. تماماً كما تنحتْ، بكلماتها، أفكارَها..
وبين النحتين نُبصر حقيقة “لماذا نكتب..؟”.. ونخلق جدليةً لا تتوقف بين ثنائية “لماذا نقرأ..؟ لماذا نكتب..؟”
هل نكتب كي يجدنا الآخر..؟
وبالتالي نجد بعضاً منّا كأروع ما يكون الوجود بعيني الآخر وصولاً للوجود بعيني أنفسنا..
يبدو أننا نكتب كي يلتقطنا الآخر.. كي يجد تلك البذور التي ننثرها ما بين الكلمات ويعيد زرعها في تربة أرواحنا..
الكتابة تقلّص المسافات.. المسافات الفاصلة بينهما، فيبدو حقيقياً ومؤثراً أكثر من كل المحيطين.
لكن.. كيف نعرف “الآخر”..؟
ما الذي يحدّد معرفتنا به..؟
والأهم.. هل نريد معرفته أم نبتغي التأكد من وجوده ومدى تأثيره بحياتنا..؟
دائماً.. ما امتلكت قناعة حاجتنا للقاء الآخر.. اللقاء الواقعي الحي، حتى نتفحص كامل حواسنا لرؤيته/معرفته..
فنحن نحتاج تشغيل الحيز الأكبر والأجمل من مختلف الحواس حتى نستدرك حضور الآخر.. ونقلّب ذلك الحضور على العديد من بوابات “معرفته”..
بوابة الرؤية.. رؤيته..
بوابة السمع.. سمعه.. وحتى الشمّ.. شمّه.. نعم شمّ كل ما يرتبط بروائح “وجوده”..
بوابة اللمس.. لمسه.. فماذا عن بوابة التذوق..؟
معه وحدَه، اكتفت بتذوق جماليات قوة كلماته و”دينامو” أفكاره.. اكتفت بمعرفته عن طريق تلمّس عقله/فكره.. وفيض حيوية حديثه.
طُمِست كل الحواس.. وغالباً توحدت على هيئة “صوت”..
ولم تعد بحاجة لتتساءل عن ماهية الحقيقي والزائف في حياتنا.. وعمن هم موجودون فعلياً.. أو شكلياً.. أو افتراضياً..
ببساطة.. هو يختصر كل هذه “الوجودات”.
التالي