الثورة- رفاه الدروبي:
المدرسة العادلية الكبرى تقع بين بابي الفرج والفراديس، مقابل المكتبة الظاهرية في دمشق، وتعدّ موئلاً لعدد ضخم من المدارس، إذ شُيِّدت في العصر المملوكي والعثماني، أنشأها الملك العادل أبو بكر بن أيوب سنة 612ه/1215م، وأكملها ابنه عيسى سنة 619هـ/1222م، وحسب دائرة آثار دمشق يتألف البناء من واجهة شرقية يؤدِّي بابها إلى دهليز واسع مسقوف بقبوة، ويأتي بعده باب آخر ينفتح على إيوان مطلٍّ على صحن المدرسة، والباب الثالث في الجهة الجنوبية يؤدِّي إلى مدفن الملك العادل، وباب من الشمال يؤدي بسلّم إلى الطابق العلوي، صحن المدرسة مربع يحيط به من الشمال إيوان كبير، وكانت الغرف في جهة الغرب، وواجهة المدرسة مبنيَّة من الحجر الكلسي النحتي،
أما البوابة فهي غنية بهندستها وزخارفها، يغطِّيها عقد حجري في وسطه حجر مدلَّى طوله 2.20م على طرفيه قوسان مفصّصان ثلاثيان، وللباب إطار حجري عبارة عن مداميك ملوَّنة مع إطار آخر ذي قوالب زخرفية، غطيت أرض الصحن بحجارة ذات ترتيب زخرفي شطرنجي في وسطها بركة ماء مربعة، ويضمُّ المدفن رفاة الملك العادل صلاح الدين، وتعلوها قبة محمولة على عقود جدارية، زيّنت زوايا الفناء وأركانها بمقرنصات بينها أربعة مجاميع من النوافذ، وتغطي المدفن قبة عالية، وفي المقبرة محراب للصلاة، وضع المقدسي أبو شامة تاريخ الروضتين في أخبار الدولتين، وعمل ابن خلكان تاريخه المشهور، وعلى بابها كان يقف ابن مالك النحوي، داعياً الناس لحضور درسه، مُنادياً: هل من متعلم؟ هل من مستفيد؟ وفيها نزل ابن خلدون فيلسوف العرب، تعرَّضت المدرسة للدمار على يد قازان، وهُجرت، ثم جُدِّدت وافتتحت رسمياً في رجب سنة 704هـ، وعادت المدرسة لسيرتها الأولى، ثم دُمِّرت ثانية سنة 803 هـ على يد تيمورلنك، فأعيد بناؤها للمرة الرابعة، وفي العهد العثماني تراجعت وانحلت أوقافها، نزل فيها كبار الأدباء والمفكرين والشعراء الأعضاء في المجمع العلمي العربي، وبعد تحول المجمع العلمي إلى «مجمع اللغة العربية» تراجع شأنها بعد نقل المجمع من المدرسة، وربط المدرسة الظاهرية معه أيضاً فصارت المدرستان الكبيرتان من بعض متعلقات المجمع.