الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
تحليل “الشخصية الصهيونية” كانت عنوان ندوة القدس الثقافي التي نظمتها مؤسسة القدس الدولي (سورية) بالتعاون مع اللجنة العربية السورية وفصائل المقاومة الفلسطينية في دمشق، تحدث فيها الدكتور نبيل طعمة عضو مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية (سورية)، وأدارها الدكتور خلف المفتاح مدير عام المؤسسة.
خلق الرعب
بين الدكتور طعمة أن الصهيونية زرعت في فكر اليهود أن “إسرائيل” هي شعب الله المختار، وهذا الإيمان هو شرط للنجاح في كثير من دول الغرب والشرق، وعلى الرغم من قلة عددهم في العالم استطاعوا أن يخلقوا رعباً في العقل البشري ولاسيما أن الصهيوني يتمتع بحماية.
أشار الدكتور طعمة إلى أسباب الرعب من الصهيونية وعلاقتها بالماضي وضرورة معرفة تناقض رواياتها مع المنظومات المقدسة وتناقض التحليلات التي تناولها المفكرون في العالم حول معانيها، مقدماً شرحاً عما هو غير صحيح وموثق منها.
وفي تناوله للسياق التاريخي لنشوء كيان الاحتلال، سلط الدكتور طعمة الضوء خلالها على معنى الصهيونية والروابط بينها وبين اليهودية والأسباب التي دفعت كثيراً من دول العالم لعدم ردعها عما تفعله.
جوهر الشخصية
وطرح طعمة في محاضرته الكثيرة من الأسئلة: “لماذا الرعب الهائل من الشخصية اليهودية في العالم بأسره؟ وما هي علاقتها بالسامية؟ وما مدى ارتباط هذه الشخصية بالصهيونية؟ وهل الصهيونية جوهر الشخصية اليهودية أم أنها عقيدة فكرية مضافة إلى العقل اليهودي؟ وهل الصهيونية ولِدَت مع التلمود الأورشليمي “أور سالم” مدينة السلام “القدس” أم في سراديب بابل ومع كتابة التلمود البابلي الذي أُنجز في حقبة السبي الأسطورية لنبوخذ نصر؟ أم أنها رافقت برتوكولات حكماء صهيون التي اتخذت قرارات بناء السرية وإخفاء أسرار حركة اليهود الصهيونية بغاية تكيّفها مع المستجدات الزمنية بحيث تتحرك حسب ما تقضيه مصالح اليهودية الصهيونية العالمية وبغاية وصولهم لتملّك العالم والتربّع على عرشه؟”.
محاربة الفكر الصهيوني؟
كما تساءل طعمة: “لو أن اليهود لم يختاروا فلسطين وطناً لهم هل كان هناك عداء بينهم وبين العرب المسلمين؟ وما هي مصلحة الغرب العميقة في حماية هذه المنظومة البشرية التي حملت مسمّى “إسرائيل” والصهيونية التي اعتنقها قادة الغرب ودعموا بكامل قواهم قيامة هذه الدولة وحمياتها؟.. وهل من أجل إبقاء العرب والمسلمين في حالة تخلّف بحكم ما تمتلكه جغرافيتهم من مواد أولية وفكر خلاق لبناء هذه الأمة؟: “إذا استفاقت هذه الشعوب وأُعطيت حريتها الحقيقية لكانت في مصاف الأمم إبداعاً وقوة”، مبيناً أن جميع الحضارات التاريخية حاربت الفكر اليهودي، الإغريقية اليونانية والرومانية والفرس والحضارة المسيحية والإسلامية، وهو سؤال وضعه طعمة نحو المزيد من البحث والتقصّي.
ونوه الدكتور طعمة بالأطماع الصهيونية، وقال: “أن تكون صهيونياً يعني أن تؤمن بـ”إسرائيل” كدولة وبالشعب اليهودي بأنه شعب الله المختار، ولكي تنجح في الغرب والشرق عليك أن تمتلك هذا الإيمان وتعبّر عنه عملياً لا نظرياً، والتقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتجاوز الستة عشر مليوناً، وهناك من يقول بأنهم ثلاثون مليوناً، ومع هذا وذاك ما هو السر الذي يتمتعون به؟ ولماذا لا يتكاثرون؟ وما هي القدرة التي امتلكوها لكي يُسكنوا الرعب في العقل البشري بكليته؟ ولماذا الخوف من اليهودي وعلى اليهودي وتحميهم الدول بكل قواها وخوفاً من ماذا؟ أينما وجدوا يجيدون إدارة المال والعلم والجنس والإعلام والمكر والخداع”.
ضرب الأخلاق
ورداً على سؤال: “لماذا يهاب العالم بما فيه الغرب الصهيونية واليهودية؟” قال طعمة: “لأن معظم إبداعات العلم أنجزها يهود وامتلكوا السيطرة بذلك على المال والفكر والسلاح وأخذوا يديرونه كما يشاؤون وأيضاً أنشأوا اللوبيات الصهيونية ومؤتمراتها، ومن خلالها تمّ تنسيب معظم قادة العالم إليها طارحين شعار “إن لم تكن معنا فنحن ضدك”، وكل من يخالفهم يحدثون الخلل في نظمه وقيادته لبلدانه”، مضيفاً: “دققوا أن كل منجزات الصهيونية اليوم تتجلى في الليبرالية القديمة والحديثة والعولمة التي تسعى إلى فرط عقد الإيمان بالإنسان وضرب أخلاقه وبناه الاجتماعية، وفي النتيجة نجد أن كل هذا يصبّ في مصلحة الفكر الصهيوني”.
ورأى الدكتور طعمة أن كل ذلك يتطلّب منا التحصين بالاتجاه العلمي والتمسك بالأخلاق والقيم السامية والاتجاه إلى البحث، مؤكداً على وعي خفايا فكر الصهيونية وما يمتلكه من قوى وضرورة وعي تفوقنا بعلمنا ومعرفتنا وبحثنا والتي تولد لنا القوة الموازية الندية لقوى الصهيونية وحليفها الغرب.
ولفت طعمة إلى تسرب الصهيونية وغزوها للكثير من المعتقدات الاجتماعية والسعي لصهينة العالم، مبيناً الدلالات الحقيقية لتاريخها وتحركها وفق ما يخدم تطلعاتها السياسية والعداء الذي خلق بينها وبين العرب بسبب احتلالها فلسطين، وموضحاً معنى العبرانية وربط اليهودية بالأيديولوجيا، إضافة إلى قضايا كثيرة متنوعة تم طرحها.
تركيبة معقدة
الدكتور خلف المفتاح مدير عام مؤسسة القدس الدولي (سورية) الذي أدار الندوة نوه بأن ما فعله كيان الاحتلال من اعتداءات واغتيالات يشير بوضوح إلى ملامح الشخصية الصهيونية وتركيبتها المعقدة التي تحمل الإجرام والقتل والإبادة في طياتها.
وأشار إلى عدم المبالغة في قوة الصهيونية والتفوق المزعوم وعدم ربط التفوق بالحركة الصهيونية لأنه غير دقيق ، مؤكداً أن هذا الرابط عائد إلى البيئة والمناخ العلمي للمجتمعات.
الفرق بين الصهيونية واليهودية
الصحفي ديب علي حسن أشار إلى ضرورة التفريق بين مصطلحي “الصهيونية” و”اليهودية” في تناول ملامح الشخصية الصهيونية وعدم الخلط بين الأسطورة التاريخية والأسطورة الدينية.
حضر الندوة الدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة العربية السورية الشعبية لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني وعدد من قيادات وممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية وكوكبة من الكتاب والباحثين والإعلاميين.