رفاه الدروبي:
تحمل القصيدة النبطية مضموناً وأفكاراً ومعنى جميلاً يظهر في ألفاظها وتراكيبها سادت في المجتمع البدوي، وتندرج ضمن التراث اللامادي، وعرَّفها الباحثون بقولهم: إنَّ أصل التسمية تعود إلى قبيلة النبط الوافدة من بلاد فارس وسكنت العراق، ومنهم من أعادها إلى ولد من بني هلال القبيلة المعروفة وينسب إليهم، كانت في ندوة عنوانها “نافذة على الشعر النبطي” شارك فيها الشاعران عبد الكريم وعلي الدندح في ثقافي أبي رمانة.
عربي أصيل
الشاعر عبد الكريم العفيدلي أشار إلى أنَّ الشعر النبطي عربي أصيل، والحفاظ عليه حفاظ على الموروث اللامادي باعتباره من التاريخ السوري، له رموزه وأوزانه وبحوره، ويندرج ضمن إطار التراث الشفهي والموروث اللامادي، معتبراً أنَّ القصيدة النبطية اختزنت تاريخ القبائل والأحداث والمعارك والنضال ضد الاستعمار الفرنسي فجاءت مدوّنة للتاريخ، والحفاظ عليها حفاظ على أرشيف كبير يكاد يندثر لأنَّه لايزال في صدور الحفظة.. منهم مَنْ غيبه الموت أو أقعده المرض، ومن الضروري تدوين التراث وحفظه للأجيال اللاحقة.
وأوضح الشاعر العفيدلي أنَّ الولادة الأولى للقصيدة النبطية كانت من منطقة حوران في سورية تحديداً، وانطلقت مع الهلاليين إلى نجد فالمغرب العربي، وذكرتها مقدمة ابن خلدون وصفي الدين الحلي حيث يعود تاريخ ولادتها إلى القرن الرابع أو الخامس عشر الميلادي لأنَّ ابن خلدون ذكرها، مستنداً إلى قصائد محفوظة ودوَّنها ولم يلتقِ بالشعراء في زمانه فكان المجتمع يحفظ القصيدة النبطية كالفصيحة. ولو عدنا إلى التاريخ بدءاً من الشعر الجاهلي حتى أيامنا الراهنة نجد أنَّ الشعر ديوان العرب، وكان يحفظ مآثرهم وقصصهم وأمجادهم وأنسابهم.
تحمل تاريخ أمة
ولفت الشاعر والإعلامي علي الدندح إلى أنَّ القصيدة النبطية نافذة للشعر تتناول لوناً أدبياً يُمثِّل جغرافية سورية خاصة، والوطن العربي عامة، وكل القصائد المغنَّاة تحتوي على العادات والتقاليد حفظها الشعر النبطي، وهناك العديد من القصائد الموزونة والفصيحة لكن لدى الإضاءة عليه لابدَّ من التوجّه نحو التاريخ وعادات البيئة البدوية، والكلّ يعرفها من خلال المسلسلات البدوية لكن عندما ندخل من باب قصيدة الشعر النبطي يعني قصيدة حفظت تاريخ وعادات وتقاليد، واللغة حاضرة تعبِّر عن كل ما يريده الشاعر، منوِّهاً إلى أنَّ الشاعر العفيدلي أصدر ديوانين للشعر النبطي وديوانين آخرين بالفصحى، واستطاع أن يُقدِّم رؤية جيل، لأنَّ القصيدة النبطية تضمُّ جيلاً من الشعراء لأكثر من قرنين من الزمن لكنَّ المشكلة في كيفية نقلها مشافهة وعملية التوثيق صعبة لذا تكون من خلال انعقاد المهرجانات والندوات.
كما بيَّن الشاعر الدندح مدى صعوبة الفصل اللغوي بين القصيدة الفصيحة والنبطية في الشكل والمضمون فكلتاهما صورة للواقع، وعرض للأحداث، والقيم جعلت من حياة الصحراء بالرغم من شظفها وتقلباتها تليق بالإنسان، وانتقلت القصيدة النبطية في العصر الحالي نقلة نوعية مذهلة حرَّرتها من نطاق جاذبية التجربة الكلاسيكية في جوانب تخصُّ الهجاء والمدح والغزل.
الشعر تراث لامادي
بدورها مديرة التراث اللامادي في وزارة الثقافة رولا عقيلي أوضحت أنَّ الوزارة أخذت على عاتقها توثيق وصون التراث اللامادي.
والشعر والتراث الشفهي أحد مجالاته القصيدة النبطية أو البدوية مدرج لديهم بهذا الاسم، وله أكثر من تسمية وسيتمُّ في العام الحالي انعقاد الندوات والمحاضرات والعمل على إعداد ملفات عن الشعر النبطي بعد إدراج ستة عناصر سُجِّلت لدى اليونسكو للتراث اللامادي في سورية. منها: الزجاج المنفوخ، والقدود الحلبية، والوردة الشامية، وخيال الظل، وصناعة العود والعزف عليه، وسيدرج في العام الحالي صابون الغار.