ذاكرة.. قد عشقنا إلى دمشق الوصولا

الملحق الثقافي:               

يشدك إلى الشاعرالمبدع الراحل نذير العظمة العمق الذي يبدو شفافاً، كأنه كؤوس من نور وإذا بالنور طبقات طبقات، والقاع بعيد وسحيق يشفّ عن أنوار تغريك وإذا بك تسبح من دون أن تعي أنك قد ورّطت نفسك في لجّة تدفعك إلى لجة أخرى…
اليوم نقف عند مجموعة الشاعر الجديدة الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب تحت عنوان: الطريق إلى دمشق…
وفي الطريق إلى دمشق مذاهب شتى فما قصدها محب إلا وفتحت أبوابها له، ومامن معتدٍ إلا وتهالك عند أسوارها. في الطريق إلى دمشق تتفتح القلوب للمحبين وتعمى الأبصار والبصيرة للجاحدين، دمشق في الأدب، في الفن في الإبداع ليست نغمة مفردة بل هي حقل أنغام وجدول ينساب في الشعر وفي القصة وفي الرواية،وفي الموسيقا وفي الألوان.
بالتأكيد نذيرالعظمة واحدٌ من أبناء دمشق ومحبيها ومبدعيها ،وما قدّمه ليس إلا محطّة من محطّات كثيرة توقف فيها المبدعون عند دمشق، فما من شاعر إلا وغمس ريشة كلماته بعطرغوطتها ورصّع صوره ببهاء قاسيونها، وأملس لغته بياسمينها.
حاولت منذ عامين أن أقدّم مختارات مما قيل في دمشق وصدرت ضمن ديوان دمشق، فإذا بي أمام أعداد لا تحصى من القصائد، بل المعلقات التي قيلت في دمشق مكاناً وزماناً وبطولة.
بل لا أذهب بعيداً إذا قلت: أن المرء ليستطيع كلّ عام أن يجمع مجلدين مما يقال في دمشق فكما هي الحضارة المتجددة كذلك هو الإبداع يتجدد..
الطريق إلى دمشق
مجموعة الشاعر العظمة واحدة من اللآلئ التي صقلت لدمشق وللاحتفاء بدمشق، ودمشق هنا في هذه المجموعة هي بلاد الشام، هي سورية الطبيعية وهل الأبناء غير امتداد للآباء… يقودنا العظمة إلى بداية الطريق ويعلن دون مواربة أن المعراج طويل طويل، بلى ربما كلما صعدت قمة إليها تراءت لك قمم. يقول في القصيدة المعنونة: الطريق إلى دمشق:
ما وصلنا إلى دمشق ولكن قد سلكنا إلى دمشق السبيلا
كم أكلنا من خبزها وشبعنا وشربنا من مائها سلسبيلا
وحلمنا بأننا في ثراها نزرع الحب والإخاء الجميلا
آه يا قاسيون أي احمرار ضرّج الصخر والشقاء الطويلا
إنه الجمر والنخيل وعشق ملأ الصدر والفؤاد العليلا
آه يا حبنا الذي شفقاً صار وروضاً من شوقنا وأصيلا
ظل فينا يا نبضها يا حنيناً وإباء وعنفوانا أصيلا
ما وصلنا إلى دمشق ولكن قد عشقنا إلى دمشق الوصولا
ودمشق قلب سورية، وسورية هي رحم الدنيا كما يراها الشاعر:
-قد هرول فجرك مبتهجاً الليل تخوّف مختلجا
-فلعزمك حدّ مثل السيف يسيل دماً فيضيء دجى
وعلى المقلب الآخر ثمة من يرى نفسه متحضراً لكنه بعيد عن الإنسانية وقيمها، لا يعرف من الحضارة إلا الوجه المادي الذي لم يترك نبضاً في قلب:
-يا جارنا في الغرب إنك في الحضارة غير جار
-ماذا تقول لعصبة تركتك تحلم بالدمار
-صليت في رحم التراب وأنت ترجمني بنار
-رئة الهواء تظل تثقبها وتجتث الذراري
-الماء مائي والحياة بخاطري سحر الكنار
-وعلى جبيني لم يمت ألق النجوم فلا تماري
-أن كنت قابيل اتعظ فأنا أخوك فخذ بثأري
واغسل يديك من الدماء
وارفع جبينك للسماء..
ولا ينسى الشاعر تفاصيل دمشق وأحياءها التي صارت مدناً بعد أن كانت حقولاً وبساتين، فها هي كفرسوسة تنال قصيدة تحمل اسم(معلقة كفرسوسة).
ومن الشام إلى بعلبك إلى صافيتا وبرجها إلى مرمريتا إلى الرجال الذين صنعوا النصر: يوسف الأجيال، الصالح العلي، الشهيد أنزور، إلى الفلاسفة والمفكرين إلى المعري إلى أبي العلاء الدمشقي.
مجموعة شعرية تزهر وتثمر في الآن ذاته لشاعر يقطف من النار وهجها ليصنع باقة من قصائد. 
             

العدد 1201 – 13 -8-2024     

آخر الأخبار
"ما خفي أعظم" بين الناس والمؤسسات المالية والمصرفية !      السوريون يستذكرون الوزير الذي قال "لا" للأسد المخلوع   خطة الكهرباء الجديدة إصلاح أم عبء إضافي ؟   العثور على رفات بشرية قرب نوى في درعا  محافظ حلب ومدير الإدارة المحلية يتفقدان الخدمات في ريف حلب الجنوبي   "الاتصالات" تطلق الهوية الرقمية والإقليمية الجديدة لمعرض "سيريا هايتك"   إطلاق حملة مكافحة التسول بدمشق وريفها   لجنة مشتركة بين السياحة و مجموعة ريتاج لدراسة المشاريع الفندقية  غرفة صناعة دمشق توقع مذكرة تفاهم مع المجلس النرويجي للاجئين  تعرفة  الكهرباء .. كيف يوازن القطاع  بين الاستدامة والمواطن؟  وزير الخارجية الألماني: من واجبنا المساهمة في إعادة إعمار سوريا  سوريا تهنئ حكومة وشعب تركيا بمناسبة يوم الجمهورية   إنجاز 40 بالمئة من إنارة دمشق بـ1800 نقطة ضوئية في ملتقى العمل..  تدريب وفرص عمل  للنساء وذوي الإعاقة  صدام الحمود: زيارة الشرع إلى الرياض بداية مرحلة جديدة   وفد من "الداخلية" يشارك في مؤتمر التدريب الأمني العربي بالدوحة هدفها تحقيق الاستدامة.. الكهرباء تصدر تعرفة جديدة لمشتركيها  الشرع يبحث مع وفد ألماني تعزيز التعاون والمستجدات الإقليمية والدولية سوريا تغير لغتها نحو العالم.. الإنكليزية إلزامية والفرنسية والروسية اختيارية "إعمار سوريا": خبراتٌ عالمية تتجسد.. وتخصصٌ دقيقٌ يرسم طريق المستقبل