الثورة – دمشق – جاك وهبه:
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة للبلاد، تلجأ العديد من السيدات في المجتمع السوري إلى إيجاد وسائل مبتكرة لزيادة دخلهن من خلال العمل المنزلي، وإحدى هذه الوسائل هي تحضير الباذنجان المخصص للمكدوس، وهو ما أصبح يشكل مصدر دخل مهم للكثير منهن.. وفي سياق ذلك استطلعت “الثورة” آراء بعض السيدات والخبراء الاقتصاديين في هذا الأمر.
– أدوات بسيطة..
هالة – إحدى السيدات العاملات في هذا المجال، بينت أن تحضير الباذنجان الجاهز للمكدوس أصبح عملاً مربحاً للغاية، وقالت: “الباذنجان المجهز للمكدوس يباع اليوم بسعر يصل إلى 50 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، في حين أن تكلفة شراء كيلو الباذنجان الخام تتراوح بين 2000 إلى 4000 ليرة تقريباً، مشيرة إلى أن هذا الفارق الكبير في السعر يعكس الجهد والوقت الذي تستغرقه عملية التحضير والتجهيز”.
وأضافت أن هذا العمل لا يتطلب رأس مال كبير أو معدات خاصة، بل يكفي توفير بعض الأدوات البسيطة والمساحة الكافية في المنزل، مؤكدة أن الطلب على هذا النوع من المنتجات المنزلية في ازدياد مستمر، خاصة مع تزايد الوعي لدى المواطنين حول جودة المنتجات المنزلية مقارنة بالمصنعة، وأوضحت “أصبحنا نحصل على زبائن من مختلف المدن، حيث يفضل الكثيرون شراء الباذنجان الجاهز للمكدوس بدلاً من تحضيره بأنفسهم نظراً لضيق الوقت أو الرغبة في الحصول على منتج جاهز وعالي الجودة”.
– تعزيز الاستقلالية..
وبينت نيفين- تعمل أيضاً في تحضير الباذنجان الجاهز للمكدوس، أن هذا العمل ليس فقط مصدر دخل، بل هو أيضاً وسيلة لتعزيز الاستقلالية المالية، وقالت: “كنت أعتمد سابقاً على زوجي في تأمين كافة احتياجات الأسرة، ولكن بعد بدء هذا العمل، أصبحت أساهم بجزء كبير من المصاريف، وهو ما ساعدني على الشعور بالاستقلالية والثقة”.
واعتبرت سيدة أخرى عملها في هذا المجال يمثل فرصة لتحويل المهارات المنزلية إلى مصدر دخل مربح، وقالت: “لقد كنت أصنع المكدوس لعائلتي فقط، ولكنني الآن أبيع كميات كبيرة من الباذنجان الجاهز، مما يحقق لي دخلاً إضافياً يساعدني في مواجهة التحديات الاقتصادية”.
– الجودة والأسعار..
ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن نجاح السيدات في هذا المجال يعتمد على عدة عوامل، منها الجودة، فالسيدات يحرصن على تقديم منتج عالي الجودة، يعتمد على اختيار الباذنجان الطازج وتقنيات التحضير التقليدية، إضافة إلى المرونة في الأسعار حيث يمكن للسيدات تحديد الأسعار بناءً على تكلفة المواد الخام والعمل، ما يوفر مرونة في التعامل مع الزبائن، كما يشير الخبراء إلى أنه مع ارتفاع أسعار المنتجات الجاهزة في الأسواق، تلجأ العديد من الأسر إلى شراء المنتجات المنزلية، ما يعزز من أرباح السيدات العاملات في هذا المجال.
– التحديات إلى فرص..
الباحثة في الشؤون الاجتماعية أسمهان زهيره، أكدت أن الأعمال المنزلية مثل تحضير الباذنجان الجاهز للمكدوس تعزز من اقتصاد الأسرة وتساهم في تحسين مستوى المعيشة، واعتبرت أن هذا العمل مثالاً ناجحاً على كيفية تحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص، وتستغل السيدات العاملات في هذا المجال مهاراتهن التقليدية لخلق قيمة مضافة وتحقيق أرباح مجزية.
وشددت الباحثة على أهمية الدعم المجتمعي لهذه المبادرات، قائلة: “من الضروري تشجيع مثل هذه الأعمال المنزلية وتوفير بيئة داعمة لها، سواء من خلال الترويج للمنتجات أو تقديم تسهيلات تمويلية صغيرة تساعد السيدات على التوسع في نشاطهن”، وأشارت إلى أهمية تكاتف الجهود المحلية لإيجاد حلول للمشاكل التي تواجه النساء العاملات في هذا المجال.
كما أكدت زهيره على الجانب الاجتماعي المهم لهذه الأعمال، وتمكن السيدات من البقاء مع أطفالهن دون الحاجة إلى إهمالهم أو الابتعاد عنهم، مما يساهم في الحفاظ على الروابط الأسرية وتعزيزها.
– مشروع صغير..
ختاماً.. يعتبر العمل في المواسم الزراعية أحد المشاريع الصغيرة المدرّة للدخل ومنها موسم الباذنجان، وإحدى الفرص التي تتيح للسيدات تحقيق أرباح ملموسة من عملهن المنزلي، مع وجود تحديات تتطلب منهن العمل على تطوير مهاراتهن واستراتيجياتهن للحفاظ على استمرارية هذا العمل، وتظل هذه المبادرات المنزلية نموذجاً يحتذى به في مواجهة التحديات الاقتصادية، ويمكن للسيدات تحويل مهاراتهن إلى مصادر دخل تساعدهن في تحقيق الاستقلال المالي والمساهمة في دعم أسرهن، ومع استمرار الطلب المتزايد على المنتجات المنزلية عالية الجودة، ويتوقع أن يشهد هذا النوع من الأعمال نمواً كبيراً في المستقبل.