د. مازن سليم خضور:
وسائل التواصل الاجتماعي سميت كذلك في دلالة على تفعيل التواصل بين الناس من خلال إيجاد قنوات اتصال جديدة تتخطى الحدود من جهة، وتكون ذات ميزات جديدة لناحية الصوت والصورة والاتصال المباشر والتفاعل بين الأشخاص، لكن هذا التواصل سلاح ذو حدين خاصة في ظل الفوضى التي حصلت والتي أدت إلى إرباك على مستوى الوعي المجتمعي من خلال تصدر بعض الشخصيات الساذجة للمشهد على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يقول الروائي والفيلسوف الإيطالي “أمبرتو إيكو”: إن وسائل التواصل أتاحت لجحافل الأغبياء أن يتحدثوا وكأنهم علماء؟
بل كان أكثر وضوحاً عندما قال ما نقلته عنه صحيفة «إيل ميساجيرو» بأن «مواقع التواصل الاجتماعي منحت حق التعبير لجحافل من الأغبياء ما كانوا يتحدثون سابقاُ إلا في الحانات بعد احتساء الكحول من دون إلحاق أي ضرر بالمجتمع».
مضيفاً: «كان هؤلاء يُرغَمُون على الصمت فوراً، في حين بات لهم اليوم الحق عينه في التعبير كشخص حاز جائزة نوبل.. إنه غزو الأغبياء».
هذا الغزو أصبح ظاهرة واضحة خاصة عندما أبيحت الحريات الشخصية وانتهكت من أشخاص غرباء ولا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة لتقييم الآخرين فأصبحنا نرى شخصاً شبه أميّ يقييم ويعطي نظريات في موضوع معين مطروح من قبل اختصاصي، وهنا يجب التفريق بين إعطاء الرأي وهذا حق مشروع، وبين التقييم من دون أدلة علمية أو كفاءة .
فما تعاني منه الشبكات الإلكترونية في هذه الأيام يتطلب وقفة جادة وصارمة من جميع الأطراف المعنية والوقوف بحزم لمواجهة ذلك، واتخاذ القرارات الفعالة لتقويم هذه المنصات والاستفادة الحقيقية من وجودها، وتصحيح بعض السلوكيات غير المقبولة مجتمعياً باستخدام هذه الأدوات والاستفادة من مزاياها.
ما يحدث حالياً في هذه الشبكات هي الفوضى بعينها، ومن أسباب هذه الفوضى انتشار الحسابات المزيفة و تستخدم هذه الحسابات في هذا العالم الافتراضي مجهولة المصدر وتقوم بنشر التضليل و التأثير على الرأي العام.
كذلك غياب الرقيب في ظل غياب التحكم في المحتوى بحجة الحرية الشخصية لكن هذه الحرية أصبحت تشكل خطراً كبيراً على جيل كامل ومجتمعات معينة حيث لا توجد آليات فعالة لضبط المحتوى المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، مما يُسهل انتشار هذه الفوضى المنظمة في ظل
تأثير الخوارزميات لتحديد المحتوى الذي يعرض على المستخدمين، و تؤدي هذه الخوارزميات إلى تأثير على الرأي العام و إلى تَأثير على السلوك الاجتماعي للأفراد.
فهذه المنصات تستهدف كيان الأسرة وخصوصيته من خلال ترويج المقاطع المرئية الخادشة للحياء، وطرح المواضيع غير المقبولة اجتماعياً وثقافياً ولا حتى دينياً.
في الختام عندما قال بريان سوليس وهو خبير في قيادة الفكر، والتحول الرقمي إن (وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بعلم الاجتماع وعلم النفس أكثر من تعلقها بالتقنية والتكنولوجيا ) فهذا يدل على التأثير الكبير لهذه الوسائل في التأثير على الشخصية والمجتمع لنضيف أيضا أنه يجب أن تتعلق هذه الوسائل بعلم النفس وبعلم الاجتماع والقانون أكثر من تعلقها بالتقنية والتكنولوجيا لأنه لابدَّ من تنظيم عمل هذه المنصات من خلال القانون.
