الثورة – رشا سلوم:
من أشهر فلاسفة القرن العشرين، وأكثرهم إشكالية وقدرة على طرح الأسئلة الكونية بصيغة مختلفة وجديدة.. إنه برتراند راسل الفيلسوف الذي قاد الثورة البريطانية «ضد المثالية» في أوائل القرن العشرين.
ويعد أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه كوتلب فريج وتلميذه لودفيش فيتغنشتاين، كما يعتبر من أهم علماء المنطق في القرن العشرين، ألف بالشراكة مع أي. إن. وايتهيد مبادئ الرياضيات في محاولة لشرح الرياضيات بالمنطق، وتعد مقالته الفلسفية عن التدليل نموذجاً فكرياً في الفلسفة.
وما زال لعمله أثر ظاهر على المنطق والرياضيات ونظرية الجديد في اللغة العربية، صدر عن دار التكوين ضمن سلسلة الدراسات اللغويات والفلسفة، وتحديداً فلسفة اللغة ونظرية المعرفة والميتافيزيقيا، وتحت عنوان “العلم والدين”، وهو من ترجمة أسامة اسبر.
في هذا الكتاب، الذي صدر في الوقت المناسب، يقدم رسل- الفيلسوف وعالم الرياضيات والمدافع الشهير عن السلام، دراسة موجزة ولكن ثاقبة للصراعات بين العلم والدين التقليدي في القرون الأربعة الماضية، من خلال دراسة الروايات التي اصطدمت فيها التطورات العلمية مع العقيدة أو تفسيرات الكتاب المقدس في ذلك الوقت، بدءاً من غاليليو والثورة الكوبرنيكية، إلى الإنجازات الطبية في التخدير والتلقيح، ويشير راسل إلى الاضطراب المستمر وإعادة تقييم أنظمة معتقداتنا عبر التاريخ، وهو بدوره يحدد أين لا تزال هناك مناقشات مماثلة بين العلم الحديث.
نلاحظ في هذا الكتاب أن الفيلسوف رسل مسلح معرفياً على مستويين، يتجسد المستوى الأول في اطلاعه الواسع والعميق على الديانات بوصفها ديناً تاريخياً، وعلى نصها الموجود بين دفتي كتاب والممارسات التاريخية التي ادعت أنها تشكل امتداداً له، أو تعده مرجعية.
أما المستوى الثاني فيتجسد في تبحّر الفيلسوف في الثقافة العلمية وآخر ما توصل إليه العلماء في اكتشافاتهم واختراعاتهم ومنطلقاتهم النظرية وهذا ما جعله في موقع متقدم كي يقود صراعاً مثمراً حين يستسلم للخرافة والتخلف ويقف عائقاً أمام التقدم.
من المؤكد أن هذا الكتاب الكلاسيكي سيثير اهتمام جميع قراء الفلسفة والدين، بالإضافة إلى المهتمين بفكر راسل وكتاباته.