الثورة-همسة زغيب:
يعدّ الحرق على الخشب من أجمل أنواع الرسم من وجهة نظر الفنانة الشابة رانيا ناصر حديفة، ويجمع بين الرسم والخط والزخرفة، ويستخدم أحياناً في النحت لإبراز جوانب ومؤثرات فنية على اللوحة باستخدام آلة تسمى: «الكاوي»، وهو من الأعمال الفنية الصعبة نظراً لعدم إمكانية التراجع عن الخطأ بحرية أو مسحه كبقية أنواع الرسم، وتحتاج اللوحة إلى جهد كبير ودقة ووقت طويل لإنجازها، كما يتطلب الأمر تدريباً مكثفاً لحركة اليد وقوة ضغطها عند الرسم، وكذلك طريقة التعامل مع آلة الحرق لتجسيد الضوء والظل باللوحة.
اختارت «حديفة» هذه التقنية تحديداً لما فيها من متعة في العمل وقدرة على إضافة الكثير من مشاعرها على جزئياته الدقيقة ولمسات خاصة قد لا يصل إليها الرسم التقليدي بالألوان، سواء من خلال رسمها للشخصيات أو للمناظر الطبيعية على اختلافها، لافتة إلى أنها تقوم بداية بتنفيذ العمل بقلم الرصاص قبل أن تبدأ باستخدام جهاز «الكاوي» الصغير بحيث تمرر أداة الكي فوق خطوط الشكل المرسوم ليترك عليه أثار اللون البني بدرجات متفاوتة لتقوم بعد ذلك بدهن سطح اللوحة بمادة عازلة.
طموحات كبيرة تحملها الفنانة حديفة التي قدمت تشكيلة موسعة من الشخصيات الفنية والرياضية والتاريخية من تاريخنا المعاصر، واللوحة الأقرب إلى قلبها لوحة لابنها كريم، وسبق لها المشاركة في فعاليات ومعارض فنية تاركة بصمة واضحة في هذا النوع من الرسم لكسر المألوف وابتكار طرق جديدة في الرسم، للتعبير عن الواقع باستخدام هذه التقنية المتميزة «ماكينة الحرق»، والتي لا تحتاج للأصباغ بل يكتفى الفنان باللون الذى يسببه حرق الخشب، حيث يتفاوت اللون بين الأسود والبني الغامق والبني الفاتح، وتحتاج للدقة وتخفيف الضغط على آلة الحرق وتثقيلها في لخلق تفاوت بين الأسود والبني الغامق ثم الفاتح للتعبير عن الظل والضوء، وتؤكد أن الحرق على الخشب يتيح فرصة لممارسه إمكانية تجسيد هوايات أخرى في العمل، كفن الخط، إضافة إلى الاستعانة بالنحت والزخرفة وغيرهما من الفنون، كما أبدعت في رسمها لصور شهداء بلدتها بتقنية الحرق على الخشب تكريماً لأرواحهم.