يرمي نتنياهو العالق في رمال غزة مجدداً عيدان ثقاب تعدياته على رقعة الضفة الغربية لتشتعل، ويدوس على جثة الشرعية الدولية التي اغتالها احتلال مارق برصاصات مصنعة أميركياً، وأفرغ قراراتها من مضامينها، وسلبها إلزاميتها وفاعليتها كما سلب الأرض بتواطؤ غربي استعماري.
ففي لهاثه في مضامير الخيبة لترميم عنجهية تآكلت في جبهتي الجنوب والشمال، ولكون الوقائع الميدانية وتغير المعادلات في منطقتنا باتت ثقيلة تجثم على أنفاس الكيان المأزومْ يسعى نتنياهو إلى حرف الأنظار عن حجم الخيبة والذعر الكارثي الذي بات ملازماً للشارع الصهيوني باللجوء لحماقة جديدة متغافلاً عن حقيقة أن النار التي يصب فوقها بارود التعديات في الضفة قد تؤذن بانتفاضة جديدة ذاق العدو مرارة ردود سابقاتها الموجعة في عقر إرهابه.
عندما يغيب التبصر بمآلات التصعيد الخطير، ويقود الهذيان خطوات الجنون يكون خيار الحمقى المضي قدماً في حقول الأشواك حتى لو كانت الأثمان فتح بوابات انتفاضة جارفة لن يستطع التصدي لطوفانتها، وهذا بالضبط ما يفعله نتنياهو بتهوره.
رغم كل التحذيرات من بعض جنرالات العدو لنتنياهو بضرورة وقف المقامرات العبثية، وعدم توسيع رقعة الحرائق لارتداداتها الموجعة، وضرورة الإقرار بالفشل في غزة وأبرزها تصريحات إسحاق بريك الجنرال السابق في جيش العدو بأن جيش الاحتلال فشل في قطاع غزة، وتحول إلى أشلاء، وأن تضييع نتنياهو فرصة وقف إطلاق النار “سيقود تل أبيب إلى الهاوية” إلا أن نتتياهو رغم كل الصفعات الموجعة يكابر غطرسة ويراهن على تحقيق “نصر مطلق”.
ما جرى في غزة من فظائع إجرامية، وما يمارسه العدو حالياً في الضفة نهج درج عليه مجرمو الحرب الصهاينة، فالوحشية ايديولوجيا اعتنقتها عصاباتهم الإرهابية لترويع وتهجير الفلسطينيين، وكاستراتيجية لردع المقاومين، وهذه الاستراتيجية لطالما تحدث عنها إرهابيو الكيان من أرييل شارون إلى موشيه ديان بقوله “إسرائيل يجب أن يُنظر لها ككلب مسعور. خطير جداً لا يمكن إزعاجه”.
الكلب الإسرائيلي المسعور لم يعد يخيف، وهنا طامة العدو الكبرى إذ لم تسقط فقط نظرية “الردع “بل تشظت على اتساع مساحة المحور المقاوم فـ”الردع” الذي حرص إرهابيو الكيان لترسيخ صورته في الأذهان ثقبت فقاعته بمخارز المقاومة.
