الثورة – حمص – سهيلة إسماعيل:
استفادت طرود النحل العام الماضي من عدم حراثة الأراضي من قبل مالكيها، وبقيت الأزهار والأعشاب الطبيعية على حالها، فشكلت مرعى طبيعياً للنحل، لكن هذا الأمر لا يدوم، وكان مؤقتاً، ويُخشى على نحل حمص من أن يهاجر بسبب الجوع.. كما حدث لنحل ريف دمشق، فقد هاجرت أعداد كبيرة منه بسبب عدم توفر المراعي اللازمة، مع أن كل المحافظات تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي البور المتروكة من دون استثمار، وبإمكان الجهات المعنية تخصيص قسم منها وزراعتها بالأعشاب والنباتات المناسبة للنحل، كحبة البركة واليانسون والكزبرة وغيرها، فالنحل والعسل السوري أثبتا جدارتهما وهما من أفضل الأنواع الموجودة على مستوى العالم.
– ارتفاع الكلفة..
تتطلب تربية النحل اهتماماً أكثر من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وتربية النحل وإنتاج العسل تندرجان ضمن بند الدعم الزراعي، لكن الواقع – للأسف – يخبرنا العكس، فالمربون في محافظة حمص يشتكون من ارتفاع كلف التربية والإنتاج، وبالتالي ارتفاع سعر العسل الذي أصبح حلماً للمواطن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
ونستعرض في القادم من السطور معاناة المربين وصعوبات التربية، وهي صعوبات موجودة في كل محافظة، وليست حكراً على حمص فقط.
– أرهقنا غلاء الأسعار..
مربو النحل في ريف حمص الغربي بينوا لـ”الثورة” أن ارتفاع كلفة إنتاج العسل أثر سلباً على وضع تربية النحل، وربما سيعزف الكثيرون عن التربية بسبب هذا الموضوع، فقد ارتفع سعر الخلية الخشبية الفارغة ارتفاعاً غير مسبوق، وتجاوز سعر طرد النحل حاجز الـ 700 ألف ليرة، بالإضافة إلى غلاء الأدوية الخاصة بالنحل لمكافحة الآفات التي يتعرض لها.
وقال المربي غازي الحسين من ريف حمص الشرقي: نعاني من صعوبات كثيرة خلال تربية النحل، وربما برزت صعوبات خلال فترة الحرب لم تكن موجودة من قبل كعملية ترحيل الخلايا بحثاً عن مراعٍ محددة للنحل، وأصبح غير ممكن، وليس هناك مصدر موثوق للحصول على الأدوية، وفي المحافظة لا توجد مراع خاصة، وفي حال وجودها فإنها تتطلب الحماية، أي عدم رشها بالمبيدات والسموم، كما أن سعر الشمع اللازم ليبني عليه النحل والخلايا الخشبية ارتفع كثيراً.
وقال مرب آخر من ريف حمص الغربي: لا تنحصر صعوبات التربية بغلاء الأسعار فقط وعدم وجود المراعي، وإنما هناك قضية على غاية من الأهمية وهي تسويق الإنتاج، وعدم السماح بتصدير العسل مع أن العسل السوري من أفضل أنواع العسل على مستوى العالم، لذلك ورغم كلفة الإنتاج وتعب المربين فإن التسويق غير ممكن ويبقى محلياً، وليس هناك جهة تعمل أو تفكر بإيجاد حل لتسويق الإنتاج.
وأضاف المربي ق. أحمد من ريف حمص الشمالي: أثر ارتفاع أسعار المحروقات والسكر والخلايا والشمع سلباً على تربية النحل، مضيفاً: وهناك الكثير من المربين الذين عزفوا عن تربية النحل، وإذا استمر الحال على ما هو عليه سيقل الإنتاج في المحافظة التي ترفد السوق المحلية بأفضل أنواع العسل.
ومن مدينة حمص قال أحد المربين: عدا عن موضوع غلاء مستلزمات الإنتاج من خلايا وشمع ومحروقات والتعب هناك تقصير من الجهات المعنية، فهل من المعقول منحنا بطاقة لإبرازها عند ترحيل خلايا النحل علينا تجديدها كل ثلاثة أشهر.
– دعم وفق الإمكانات..
كانت محطتنا الثانية في دائرة الوقاية التي تتبع لها شعبة تربية النحل في مديرية زراعة حمص، فقد أوضحت رئيس الدائرة الدكتورة محاسن سليمان أموراً متعلقة بتربية النحل في المديرية ومن قبل المربين في القطاع الخاص، مبينة أن النحل السوري يعتبر من أفضل أنواع النحل مقارنة مع النحل في دول الجوار وفي الدول الأوروبية، لأنه هادئ ونشاطه جيد، ولا يميل للتطريد على نحو كبير، وهو متأقلم مع الظروف الطبيعية والمناخية ويتحمل الأمراض.
وأشارت إلى أنه في محافظة حمص لدى مديرية الزراعة منحل في منطقة الدوير تم إحداثه منذ العام 1983، ويحوي 100 خلية أم تربى فيه نوعية ممتازة من النحل ونعتني به جيداً من ناحية التغذية والحماية والتطريد، ويتم التطريد أو التقسيم في بداية شهر نيسان ويستمر حتى آخر شهر حزيران، وفي كل عام ننفذ الخطة الموضوعة من قبل وزارة الزراعة، ونحن ننتج في المنحل عسل الأشواك وعسل اليانسون وحبة البركة والكزبرة والقبّار ونسلمه للوزارة.
ولفتت إلى أن تم تخصيص مهندسين للإشراف على المنحل وهم يتقاضون تعويض اختصاص 50%، في حين أن العمال الذين يتواصلون مباشرة مع النحل لا يتقاضون أي شيء زيادة على مرتبهم رغم صعوبة عملهم.
وأكدت تميزت محافظة حمص العام الماضي بإنتاج الطرود وكان النحل بحالة جيدة ولم تُسجل أي حالة نفوق للخلايا.
– 20 ألف مربٍ..
وعن طرق دعم مربي النحل في المحافظة أضافت سليمان: نقدم لهم الإرشادات والنصائح المتعلقة بالطريقة الجيدة لتربية النحل، ونبقى على تواصل دائم معهم لحل أي إشكالات تواجههم. ويبلغ عدد المربين في المحافظة 20 ألف مربٍ يملكون أكثر من 25 ألف خلية نحل، كما ننتج الطرود ونبيعها للراغبين بتربية النحل بأسعار تشجيعية، ويبلغ سعر الطرد 325 ألف ليرة، بينما يبلغ سعره في السوق 750 ألف ليرة، وكتشجيع للمربين استبدلنا العام الماضي قسماً من شجر الكستناء في غابة ضهر القصير بأشجار الخرنوب والكينا وهي أنواع مرغوبة للنحل.
وعن تصدير العسل واستيراد الملكات والتعبئة الفنية قالت: أصدرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي القرارات الخاصة بهذا الموضوع ومنها القرار 122/ت.
– تحسين تربية النحل..
أما فيما يخص الاقتراحات التي تراها الدكتورة سليمان لتحسين تربية النحل أوضحت أنها من خلال توفير المراعي الخاصة بمناحل الدولة، والاهتمام أكثر بتلبية طلبات مربي النحل وتوفير مستلزمات التربية وإتاحة تسويق منتجاتهم عن طريق التصدير، وتقديم كل الدعم لهم لأن نقص أو انقراض تربية النحل إنذار سيء لأنه من المعروف أن النحل هو العامل الأساسي لتلقيح النباتات وبالتالي الحفاظ عليها.
ومن المعروف أنه يوجد ما يسمى اتحاد النحالين العرب وله فرع في سورية، وهو موجود بالاسم فقط بدليل أن الكثير من مربي النحل لم يستفيدوا من وجوده ولم يقدم لهم شيئاً في السابق ومنذ مدة تم انتخاب إدارة جديدة.
– الاحتياجات..
وأفادنا عضو مكتب فرع سورية المهندس همام فياض أنه تم وضع خطة مؤخراً لمعرفة احتياجات المربين وسيتم عقد لقاءات مع المربين للاطلاع على الصعوبات الموجودة لديهم والعمل على التخفيف منها ما أمكن، وأضاف: بخصوص السماح بتصدير العسل أنه حتى الآن لا يوجد مخبر متخصص بفحص العسل لمنح المربي شهادة منشأ معترف عليها في الخارج ليتم التصدير وفقها.
وبيَّن أن المربين في حمص لم يحصلوا على الدعم المطلوب كي يستمروا بهذا العمل المهم سواء لناحية رفد السوق المحلية بالمنتج أم لناحية تحسين مستوى معيشتهم.