“يوراسيا ريفيو”: أذربيجان تنسحب من الغرب متجهة نحو روسيا وإيران

الثورة – ترجمة رشا غانم:

في الوقت الذي تنخرط فيه أرمينيا وأذربيجان بمحادثات حول معاهدة السلام فيما يخص نزاعهما الحدودي، كانت باكو تنسحب بهدوء، ولكن بشكل نهائي وحاسم عن الغرب.
لقد كانت أذربيجان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالغرب منذ تسعينيات القرن الماضي، بسبب احتياطاتها النفطية وموقعها كجسر لآسيا الوسطى، فضلاً عن دورها كثقل متوازن لإيران.
والآن، تعمل باكو على تطوير علاقات أوثق مع روسيا وإيران – الدولتان اللتان لطالما كانتا في صراع بينهما- حيث تم التأكيد على هذا التحول الشهر الماضي عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باكو، ووقع مجموعة واسعة من الاتفاقات الاقتصادية والسياسية التي تدفع أذربيجان إلى توسيع التعاون مع الحكومة الروسية في جميع المجالات، وتم تسليط الضوء على بعض الفوائد التي تعود على باكو عندما انتقدت موسكو بشدة أرمينيا لعدم رغبتها في إعادة فتح ممر زانجيزور/سيونيك بين أذربيجان نفسها وحفرة ناخشيفان الأذربيجانية (١٩ آب، أيلول).
وفي غضون ذلك، واصلت طهران الترويج للمرور عبر الأراضي الإيرانية كبديل لممر زانجيزور/سيونيك.
هذا واحتفل معلقو موسكو، في الأيام الأخيرة، بهذه التطورات كعلامة على أن “باكو تقوم بانعطاف حاد نحو موسكو وطهران”، وبأنه نتيجة لذلك، لن يكون الغرب في وضع يسمح له باستخدام جنوب القوقاز “كجبهة ثانية” ضد موسكو.
وما إذا كانت أذربيجان ستحافظ على هذا التوجه لفترة طويلة، كما تأمل كل من موسكو وطهران، سيعتمد على ما إذا كانت باكو ستقرر تغيير مواءمة سياستها الخارجية مرة أخرى، وهو أمر يسمح لالتزام الرئيس إلهام علييف بتحقيق التوازن بتخصيص مجال كبير له.
لدى باكو وموسكو وطهران أسباب مقنعة لإيجاد أرضية مشتركة، فلقد كانت أذربيجان غاضبة من الغرب بشكل عام وفرنسا بشكل خاص لدعمها يريفان في مفاوضاتها مع باكو، وكذلك الانتقادات الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان في أذربيجان، كما ترى باكو أن توسع التجارة بين الشمال والجنوب بين روسيا وإيران تفيدها اقتصادياً وسياسياً.
وزاد هذا الاهتمام فقط مع اقتراب محادثات باكو ويريفان من نهايتها بتوقيع معاهدة سلام، ونظراً لأن البلدين قررا عدم حل مسألة إعادة فتح طرق المرور العابرة في مثل هذا الاتفاق، ومن المؤكد أن لأذربيجان مصلحة في أن تقف موسكو وربما حتى طهران إلى جانبها لمعالجة هذه المسألة في المستقبل، إما من خلال السماح لباكو بالسيطرة على زانجيزور أو تقديم طريق بديل بين أذربيجان نفسها وناخشيفان عبر إيران.
لدى موسكو وطهران مصالح مهمة بنفس القدر في سعيهما لتحسين العلاقات مع أذربيجان، فتريد روسيا، أولاً وقبل كل شيء، الحد من النفوذ الغربي في جنوب القوقاز، الأمر الذي من شأنه أن يمنح موسكو حرية أوسع، ليس فقط في أذربيجان، ولكن في أرمينيا وجورجيا أيضاً.
ومن جانبها، تريد طهران ضمان عدم زيادة اهتمام باكو بالسكان الأذربيجانيين لإيران، كما فعل القادة الأذربيجانيون، بمن فيهم إلهام علييف، في الماضي.
كما تأمل إيران في إبعاد باكو عن علاقاتها الوثيقة مع الكيان الإسرائيلي، والعلاقات التي تخشى طهران استخدامها في حالة وقوع هجوم غربي على الجمهورية الإسلامية، وتجنب عدم الاستقرار على حدودها التي قد يستغلها الأجانب أو المواطنون الإيرانيون.
وربما الأهم من ذلك، على الأقل في المستقبل القريب، ترى كل من روسيا وإيران أن تحسين العلاقات مع أذربيجان يساعدهما على ترسيخ تعاونهما الاقتصادي والسياسي المزدهر، وهو تطور يساعد كلا البلدين على الهروب من عزلتهما الدولية الحالية، حيث تعتبر أذربيجان حاسمة في هذا الجهد لأنها توفر طريقاً تجارياً أقصر بكثير وأفضل تطوراً بين روسيا وإيران مما توفره السكك الحديدية والطرق السريعة الأطول والأقل تطوراً عبر آسيا الوسطى أو العبور عبر بحر قزوين، نظراً للقيود المفروضة على الشحن.
وبالتالي، فإن جميع البلدان الثلاثة لديها مصلحة في الموقف الأخير الذي اعتمدته باكو، والذي تعتبر فيه مصالح موسكو وطهران استراتيجية وطويلة الأجل، ويكاد يكون من المؤكد أن مصالح أذربيجان أكثر تكتيكية.
ونظراً لموقعها ومنذ حصولها على الاستقلال في عام 1991، التزمت أذربيجان بسياسة خارجية متوازنة بدلاً من نهج يربط البلاد بشكل دائم بأي بلد خارجي أو مجموعة من البلدان، فمن الناحية العملية، كان هذا يعني أن العلاقات بين باكو ودول أخرى كانت على قدم وساق، فعلى مدى العقد الماضي وحده، على سبيل المثال، كانت علاقات أذربيجان مع إيران قريبة من الحرب، وبعد ذلك بشهور أصبحت أكثر دفئاً، كما تحسنت علاقات باكو مع كل من موسكو والغرب وتراجعت أكثر من مرة، فعلى الرغم من الحديث الكبير من كلا الجانبين حول الاتفاقات التي ستصمد أمام اختبار الزمن أو الصراعات، فقد أصبحت خارج نطاق الحل.

وقد يحدث شيء مشابه مرة أخرى، ففي حين أن باكو لديها مصالح مقنعة في توسيع العلاقات مع كل من روسيا وإيران وبالتالي تقليل الروابط مع الغرب، إلا أن لديها أيضاً العديد من المصالح المستقلة التي تشير إلى الاتجاه المعاكس، وبالتالي، فإن تحول باكو الحالي عن الغرب نحو روسيا وإيران قد لا يستمر لفترة طويلة.
المصدر: يوراسيا ريفيو

آخر الأخبار
توزيع سلل صحية في ريف جبلة مرسوم بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي مرسوم يقضي بالسماح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين بسبب الثورة بالتقدم بطلب... مرسوم بمنح الطالب المستنفد فرص الرسوب في الجامعات والمعاهد عاماً دراسياً استثنائياً مرسومان بتعيين السيدين.. عبود رئيساً لجامعة إدلب وقلب اللوز رئيساً لجامعة حماة   انفجارات في سماء الجنوب السوري منذ قليل إثر اعتراض صواريخ إيرانية أوقاف حلب.. حملة لتوثيق العقارات الوقفية وحمايتها من المخالفات والتعديات تفعيل النشاط المصرفي في حسياء الصناعية تحديد مسارات تطوير التعليم في سوريا تعاون  بين التربية و الخارجية لدعم التعليم خطط لتطوير التعليم الخاص ضمن استراتيجية "التربية"   تجارة درعا.. تعاون إنساني وصحي وتنموي مع "اينيرسيز" و"أوسم" الخيرية بدء توثيق بيانات المركبات بطرطوس الهجمات تتصاعد لليوم الرابع.. والخسائر تتزايد في إيران وإسرائيل صالح لـ (الثورة): أولى تحدّيات المرحلة الانتقالية تحقيق الاستقرار والسلم الأهل مشاركون في مؤتمر "الطاقات المتجددة" لـ"الثورة ": استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة ودعم البحث العلمي قتلَ وعذبَ معتقلين في مشفى المزة العسكري.. ألمانيا تحكم بالمؤبد على أحد مجرمي النظام المخلوع  "تجارة إسطنبول": نجري في سوريا دراسة ميدانية لفرص الاستثمار "الفيتو الأميركي".. هل حال دون اغتيال خامنئي؟.. نتنياهو يعلّق الفساد المدمِّر.. سرقة الكهرباء نموذجاً عطري: العدادات الذكية ليست حلماً بعيداً بل هي حل واقعي