الثورة – دمشق – ميساء العلي:
حاول الصناعي عصام تيزيني خلال ندوة الثلاثاء الاقتصادي إيجاد حلول للتخلص من الفساد وتلافي حدوثه مستقبلاً، كان أولها اختيار مسؤول يتصدى للشأن الاقتصادي لأن التعيينات في معظمها تكون وفق المحسوبيات، وهذا الأسلوب في الاقتصاد تحديداً لا يجوز، بل يزيد الطينة بلة.. فكما يقول لا يمكن أن يُدار اقتصاد دولة من دون اقتصاديين مخلصين.
ليس بالضرورة اختيار الأكاديميين
واعتبر أنه ليس حتمياً أن يكون انتقاء المسؤولين محصوراً فقط بالأكاديميين، أو ممن لهم تراتيب وظيفية حكومية سابقة، علماً أن البعض لهم كل التقدير، ولكن من المهم أيضاً أن ندعمهم بطاقم تكنوقراطي عملي واقعي.
وتحت عنوان “كيف ننقذ اقتصاد سورية من الفساد؟ حاول إيصال رسالة إلى المعنيين بأن محاربة الفساد تقتضي اتباع أساليب جديدة، لأن الأسلوب المتبع لم يجد نفعاً على عكس ما كان يتم بتخطيط وتدبير مشرعن لـ«مبدأ دبر حالك.. أو ادفع بتمشي أمورك»، حتى أصبح الفساد ظاهرة تهدد المجتمع بشكل غير مسبوق وأضرت بالجميع.
خيارات الإصلاح
ورأى أن الضرب بيد من حديد ليس الحل، بل علينا أن ننتقل إلى خيارات الإصلاح المتاحة وفق روح قانون مكافحة الفساد وتطبيق الإستراتيجيات المضادة للفساد وسن الأنظمة والتشريعات والقوانين والشفافية فيها بما لا يدع مجالاً للشك والوضوح في تطبيقها على كل من يخالف.
واعتبر أن ضيق الحال والقدرة على العيش من أهم ثمار الفساد الذي انعكس على المجتمع، وأصاب الجميع وخصوصاً الفساد الشرس الذي تشكل بعد 2011.
وأضاف: لا يخفى على أحد أن الفساد ليس دخيلاً جديداً علينا، وهو في الحقيقة رفيق درب امتد لعقود على الاقتصاد السوري، وفعل فعله في جميع المفاصل والمؤسسات الاقتصادية.
هيئات مكافحة الفساد
واعتبر أن هناك هيئات لمكافحته ولكن للأسف من دون جدوى، وبناء على هذا الواقع يمكننا الاستنتاج أن هذا الفساد الذي أصبح عرفاً صار جزءاً لا يتجزأ من جسد المجتمع، وخصوصاً أنه لم يؤذ الطبقة الوسطى والتي تشكل 75 بالمئة من المجتمع، طبعاً ليس كرم أخلاق ولكن لأن مصالح الفاسدين تقتضي بقاء هذه الطبقة التي تعتبر الخزان الذي لا ينضب لمصالحهم، وهذه في الحقيقة نقطة قد تكون إيجابية بشكل مجازي لأن الفساد الذي شهدناه بعد 2011 يجعلنا نترحم على ما سبقه من الفساد!
وتابع كلامه: إن الفساد الذي تواصل من 2011 وحتى نهايات 2018 كان له شكل آخر..! وبدأت في هذه المرحلة ملامح تغيير واضح في بنية المجتمع الاستهلاكي السوري الذي ظهرت عليه آثار الإرهاق والتعب بسبب استفحال الفساد والتحول نحو الفقر، وهكذا حتى أواسط عام 2018 والتي تراجعت نسبتها إلى دون 50 بالمئة، والسبب باعتقاده أنه في هذه الفترة كانت إدارة الملفات الاقتصادية تتمتع بشيء من الرصانة بأدائها، وتتماهى مع الوضع المعيشي الذي جعلته قابلاً للتحمل نسبياً، وهكذا استمر الوضع إلى أن بدأ المجتمع يصارع حرباً تجلت بحصار الخارج والعقوبات الاقتصادية.
رد فعل مضطرب
تيزيني قال: علينا أن نقر أن الفرق الحكومية الاقتصادية حينذاك لم تقف سداً منيعاً تجاه تلك الاختناقات، فتعاملت برد فعل مضطرب، وصارت تعالج المشكلات بطريقة رد الفعل، فغاب التخطيط وغاب استقراء الأزمات وغابت معه الخطط الإستراتيجية، ليكون هذا الأسلوب في الإدارة جزءاً لا يتجزأ من أدوات الضغط على المستهلك ناهيك عن مسارعتها إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الحصار الخارجي ظناً منها أن مواجهة العقوبات القاسية يحتاج إلى أموال وتقشف، وسعر صرف ثابت للعملة الوطنية فقط ليصبح تثبيت سعر الصرف هو الهدف.
ولأول مرة بتاريخ اقتصاد سورية- والكلام للصناعي تيزيني- تم تجميد الأموال وتقييد حركتها وتجفيف الكاش وابتكار أساليب قاسية بطرق تمويل مستوردات التجار وغيرها من الإجراءات التي فتحت أبواباً جديدة للفساد المالي والنقدي، وبدأت المشكلات المعيشية تتراكم وجفت المدخرات وتراجعت المداخيل، وبسبب خروج مئات الآلاف من حزمة الدعم تحت مسمى امتلاكهم سجلات تجارية مما ساهم في أن يكون أغنياء الأمس ومتوسطوهم بحالة فقر اليوم، وهذا بدوره أدى إلى تراجع سعر الصرف وتدهور الصناعة والتجارة وغيرها.