تروي كتب التاريخ أن العرب كانوا يقيمون الاحتفالات لمدة طويلة حين يظهر بينهم شاعر..
لأن الشاعر كان لسان حالهم.. بل هو إعلامهم الذي يصل إلى حيث يريدون.
وظلت هذه المكانة عالية إلى أن كانت بدعة قصيدة النثر التي امتهنها من لا يعرف ألف باء اللغة، واكتملت الطامة مع الفضاء الأزرق وتحول الجميع إلى شعراء وخذ على ألقاب.. شاعر الزيزفون وشاعرة الكستناء وحتى البندورة.
ذات يوم كتب الشاعر الراحل سليمان العيسى: حاولت على مدى ستين عاماً أن أكون شاعراً.
أمس في طريق الذهاب إلى العمل روى أحد الزملاء حكاية صديق له كان يدعي الشعر وصدق أنه صار شاعراً وتعامل مع أهله على هذا الأساس.. فكانت مفرداته غريبة عجيبة ما أوقعه بخلاف مع أبيه.
ترك البيت على أثره عدة أيام بدأ الأب رحلة البحث عن ابنه فاتصل بصديقه الذي هو زميلنا ويروي الحادثة..
سأل الأب ابنه: أين قضيت ليلك.. أين نمت.. عد إلى البيت..؟
رد الابن: قضيته بمكان عام.. سأله الأب: أين هذا المكان وما هو؟
رد الشويعر: مكان يؤوي إليه الهاربون من أوقاتهم… فكانت ردة فعل الأب: ابق في هذا المكان مع الهاربين من أوقاتهم..
لا تعد إلينا مادام هذا المكان موجوداً.
ترى.. كم هارباً منا يجب أن يلوذ بهذا المكان الذي أبدع الشاب في وصفه..
الهاربون من أوقاتهم.. هل نحن هاربون من زماننا أم زماننا هارب منا.. وهل من مكان يؤوينا ويروي حكايتنا ذات يوم؟
هل تعرفون صرت أقول: الحمد لله على نعمة الفضاء الأزرق الذي يتسع لكل ما في القلوب والعقول، وأصبح ملاذاً لتفريغ أمراضنا النفسية واللغوية والاجتماعية..
إلى اللقاء في مكان يؤوي إليه الهاربون من أوقاتهم، إنني ألوذ بهم.. فهل من مرافق؟