لا تهدأ ماكينة صناعة الموت الإسرائيلية التي تحصد أرواح الغزاويين على مرأى منظمات أممية تدفن رأسها في رمال الخنوع المخزي، وتكدس القرارات في أدراج منسية، ولا يتوقف عداد الشهداء والجرحى عن الارتفاع، وتسجيل رقم جديد في كل لحظة باسم “إسرائيل” عدوة الإنسانية التي تتفوق على نفسها في الوحشية.
المشاهد المفجعة الآتية من غزة ومسلسل القتل المتواصل على مدار ساعات الإبادة الجماعية الذي حرك الضمائر على اتساع رقعة مناصرة الإنسانية وألهب الحناجر غضباً من مشاهد الدم الطاهر الذي ينهمر على تراب غزة بذخائر أميركية، لم يحرك حمية الردع الأممية ولم يثر لدى هيئتها سخطاً على محتل يمارس طقوس وحشيته بدم بارد حتى تجاوزت مجازره ما يقارب ستة آلاف مجزرة.
العجز الأممي عن وضع حد لانتهاكات القوانين الدولية والإنسانية يرافقه إمعان من العدو في خرق الأعراف والدوس على القرارات الأممية وما الحديث الإسرائيلي عن الانتقال عن المرحلة الرابعة من الحرب العدوانية وتفاصيلها التي تتضمن منع عودة أهالي شمال القطاع إليه وتحكم جيش الاحتلال بإدخال المساعدات والترويج لاستحداث “غزة جديدة” على مقاس الأهواء الإسرائيلية يحتلها ويتحكم بمصائر أهلها من لا شرعية لوجوده وإجراءاته باطلة حسب قرارات دولية لم تعرف طريقها يوماً للتنفيذ، كل ذلك يوضح بلا لبس غايات الحرب الهمجية الرامية لشطب الوجود الفلسطيني بممحاة الدماء، فالإبادة الجماعية وعدم تجاوب الاحتلال مع مطالبات وقف العدوان تفضح غاية إفراغ القطاع من أهله قتلا وتهجيرا لرسم خرائط جديدة بأقلام التوسع الاستيطاني.
لم يعد العدو الإسرائيلي يختبئ خلف أصابع إعادة الأسرى ليسوغ فظائعه الوحشية وأصبحت المجاهرة بأهداف إعادة احتلال أجزاء من غزة علنية تكشف وسائل إعلامه مخططاتها.
معارك الحق والاستبسال بالذود عن الوجود التاريخي الفلسطيني مفتوحة، وان فتح العدو أبواب التصعيد إبادة وتجويعاً وحصاراً فانه يؤجج شرارة المقاومة التي لن تنطفئ وستجترح تكتيكاتها وتنوع عملياتها لاقتلاع أشواك الاحتلال، وكما اندحر العدو من غزة سابقاً مهزوماً ذليلاً لن يطول مكوثه على فوهة بركان غزة التي لطالما تمنى حكامه العسكريين أن يبتلعها البحر فابتلعت أوهامهم.