الكثير من القطاعات بات للقطاع الخاص يد فيها، كالخبز والكهرباء والمحروقات من بنزين وغاز ومازوت، والتأمين بات من نصيب القطاع الخاص سواء كان إلزامياً أم صحياً بعد أن ظهرت شركات التأمين الصحي التي تعرف باسمها التجاري “مقدم الخدمة” وسواها من التسميات وعلى ذلك قِس كل الأمور.
الأحدث هنا وما لم يكن يخطر على بال هو أن يتحول فحص السيارات إلى القطاع الخاص، وهي نقطة لا أحد يعرف على وجه اليقين ما السبب في الإقدام عليها، وهل هو نقص الكوادر أم هو نقص الكفاءات أم هو عقد متضمن تنمية خدمية مجتمعية كترميم أبنية بعينها وإعادتها إلى رونقها؟ أم هل يتضمن رواتب عالية للموظفين تعويضاً عن الاستحواذ على مرفقهم هذا؟
إن كانت المسألة تتعلق بالأعداد، فالقطاع العام لديه عشرات الآلاف ممن ينتظرون مهمة كهذه، وإن كانت للخبرات، فلا أسهل من التعاقد مع ميكانيكي و”كومجي” و”كهربجي” سيارات ليساعدوا بالفحص مقابل مبلغ مقطوع من جيب الزبون كما هو الحال حالياً في كل شيء، أما أن تتحول المسألة إلى شركة خاصة فهو ولا شك مسألة فيها نظر، لأن ذلك يعني بصريح العبارة تكاليف مزاجية تقديرية، كما يعني المزاجية في التعامل والمزاجية في تمرير الأمور، والمزاجية في التوقيع لهذا دون ذاك.
ليشرح لنا أحد لما يحدث ما يحدث؟ ولماذا القناعة لدى البعض بأن أداء الخاص أفضل من العام، ولنأخذ مثالاً فالصحة باتت بنسبة كبيرة قطاعاً خاصاً، وحتى الحكومي منها عندما يقول لك أحضر قائمة الأدوات هذه من قفازات وقطن وكحول فهو قد أصبح خاصاً، بل كل ما يحيط بنا أصبح خاصاً إلا طريقة عملنا ورواتبنا لا تزال من القطاع العام، والأنكى من هذا بأن من يتولون كثيراً من المفاصل في القطاع العام ويتعاملون مع موظفيهم بالعقلية الإدارية الجامدة هم أكثر الناس تفهماً للقطاع الخاص، وهم أسرع الناس اقتراحاً لشراكة المؤسسات العامة مع القطاع الخاص.
حتى الآن لم نتبين الخير من السوء، ولكن التجربة علمتنا بأن النتائج كانت دائماً أسوأ، ولعل طوابير الكازيات والمئات أمام الأفران ومراكز إصدار البطاقة دليل واضح وصريح على ما يقدمه القطاع الخاص وعلى العبقرية التنظيمية المنتظرة من القطاع الخاص في هذا الأمر كما غيره من الأمور.