الثورة _ حسين صقر:
مبررين ممارساتهم البشعة وعمليات النصب والاحتيال التي يمارسونها بالظروف المادية الصعبة، وبهذا يطبقون المثل الشائع «عذر أقبح من ذنب»، هكذا بات مجموعة من الشبان والفتيات يسلكون طرقاً ملتوية لجمع المال، ولا يهمهم الضحية أو الشخص المستهدف كائناً من كان، أو ما هي ظروفه، وكيف تدبر أمره لتسليمهم عنقه.
بالمقابل هناك الكثير من الضحايا، لا يفصحون عما يجري معهم، ولا يفضحون عمليات النصب والاحتيال التي تعرضوا لها، وبذلك يزداد عدد هؤلاء الضحايا، ويجمع أولئك المحتالون المزيد من المال.
فالاحتيال هو أي عمل يهدف إلى تضليل إنسان آخر عمداً للحصول على منفعة، ويشمل الاحتيال على سبيل المثال لا الحصر، إخفاء الحقائق أو تزويرها أو سرقتها أو الإبلاغ الكاذب عنها أو حجبها، ويهدف لتحقيق منفعة معينة، وفي الآونة الأخيرة كثرت الجهات التي تزعم تأمين فرص عمل للشباب والفتيات في الخارج، ومنهم من يدعي المساعدة في الهجرة من خلال عمليات غير المشروعة كتهريب هؤلاء الشبان، وسرعان ما تقع الضحية في الفخ نتيجة تعلق الغريق بقشة، ورغبته في تأمين فرصة عمل خارج بلده، أو الهجرة نتيجة الأوضاع المادية الصعبة.
كل يوم نسمع عن شخص دفع مبالغ طائلة لامرأة أو رجل أو مجموعات يعملون مع بعضهم في إغراء الشباب بالسفر، وتقوم تلك المجموعات بالدعاية والإعلان عبر وسائل الاتصال والترويج لوجود مكاتب وهمية تدعي تأمين فرص عمل وتأشيرات خروج ودخول إلى البلاد العربية والأجنبية، وسرعان ما يسقط ضحايا أولئك تحت إغراءات السفر والعمل في الخارج، والأصعب من ذلك أن هؤلاء الضحايا لا يخبرون أحداً عن الفخ الذي وقعوا فيه كي يجنبوا غيرهم عواقب الخسارة والسقوط في شباك المحتالين.. وحول ذلك «الثورة» استطلعت آراء بعض المواطنين والقانونيين.
وعود زائفة
يقول (ب. ص) جاءت المدعوة (أم. ع)، وادعت قدرتها على تأمين فرصة عمل لولدي بإحدى الدول العربية، وحصلت على مبلغ نحو خمسين مليون ليرة سورية، وبعد وعود ومماطلات تبين أنها تكذب وتراهن على الوقت حتى انسحبت بشكل كامل، وادعت أن الموافقة على السفر والعمل لم تأت، وحتى الآن لم تعد لنا المبلغ الذي حصلت عليه، ولا حتى على جواز السفر، وهي اليوم لا ترد حتى على الهاتف وإذا أجابت بعد أيام تعطي الوعود الخلبية التي لم تصدق بها، وأضاف فوجئت بعد أن حكيت قصتي أمام البعض بأنني لم أكن أول ضحية لتلك المرأة، بل قامت بعمليات كثيرة ضد أبناء بلدتي وهي اليوم متوارية عن الأنظار.
وقال (ح. م): إن حالات النصب والاحتيال باتت أكثر من أن تعد أو تحصى، والحق على الناس بذلك لأنهم يزرعون ثقتهم بأشخاص لا يستحقون وهم أبعد ما يكونون عن القيم والأخلاق، فضلاً عما يتعرض لموقف من هذا النوع، لا يتكلم خجلاً كي لا يظهر للآخرين بأنه إنسان مضحوك عليه، وهنا يخطئ لأنه لم يخبر غيره، ويفضح أو يعلن اسم هذه المجموعة وهؤلاء الأشخاص الذين يمارسون ذلك.. و«ياغافل إلك الله».
عقوبة الاحتيال
وفي هذا السياق قال المحامي كامل المحمود: يعرف الاحتيال بأنه «الاستيلاء بطريق الحيلة أو الخداع على مال مملوك للغير بنية تملكه»، و يتمثل بلجوء الفاعل إلى الحيلة والخداع، تجاه المجني عليه، مستخدماً إحدى الطرق التي حددها المشرع، فيقع المجني عليه في الغلط فيسلمه ما معتقد بأن مصلحة له ستتحقق من خلال هذا التسليم.
وأضاف إن غاية أو هدف الاحتيال هو الاستيلاء على مال، ومن ثم لا يقوم الاحتيال إذا كانت غاية الفاعل بخداع المجني عليه الحصول على شيء لا يعتبر مالاً.
وأوضح المحامي المحمود أن المشرع السوري حدد في المادة 641 من قانون العقوبات عقوبة الاحتيال البسيط، ثم نص في المادة 642 على طرفين مشددين ينبني عليهما مضاعفة عقوبة الاحتيال البسيط والعقاب في الحالتين ذو وصف جنحي. بالإضافة لهذا العقاب فقد نص المشرع في المادة 655 من قانون العقوبات على عقوبة إضافية أو فرعية تتمثل بنشر الحكم الصادر بالإدانة.
وتضمنت المادة 641 عقوبة الاحتيال البسيط وهي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة إلى خمسمئة ليرة، والجريمة على هذا الأساس جنحة، والجمع بين الحبس والغرامة، مبدئياً وجوبي.
وقال: إلا إن ذلك لا يحول دون إمكانية الحكم بالغرامة فقط أو تحويل العقوبة الجنحية إلى عقوبة تكديرية إذا وجدت المحكمة في القضية أسباباً مخففة تقديرية، وذلك استناداً لنص المادة 244 من قانون العقوبات، إضافة لعقوبة الحبس والغرامة التي نصت عليهما المادة 641، أجازت المادة 655 من قانون العقوبات للقاضي أن يأمر في حالة تكرار الاحتيال بعقوبة إضافية، وهي نشر حكم الإدانة في جريدة أو جريدتين يعينهما القاضي.
وقد سوى المشرع، في الفقرة الثانية من المادة 641، في العقوبة بين جريمة الاحتيال التامة وجريمة الشروع فيها.