الثورة _ علا محمد:
من بين الظواهر التي يمكن أن تواجه الأهل والمربين عند التعامل مع الأطفال.. يعتبر الكذب الأكثر تعقيداً، فلماذا يلجأ الأطفال إلى الكذب؟ وهل هو مجرد تمرد طبيعي يعكس مراحل نموهم.. أم أنه علامة على شيء أكثر عمقاً؟!.
جواباً على هذه التساؤلات أوضحت الاستشارية التربوية والتعليمية رولا بريمو في حديثها لـ«الثورة» أن الكذب في الطفولة قبل الأربع سنوات لا يندرج تحت عنوان الكذب بل هو خيال وإسقاطات لما يسمعه أو يراه الطفل، أما بعد الخمس سنوات فقد يلجأ الطفل غالباً للكذب لتفادي العقاب، فعندما يحاسب الأهل طفلهم على خطأ وكل هفوة، أو عندما يكون عتابهم لا يتناسب مع الخطأ أو يكون أكبر من الموقف يصبح الكذب وسيلة الطفل الوحيدة للهرب من العقاب, وتابعت أن غياب الحوار بين الأهل واليافع أو المراهق دون إيجاد الحلول لكل موقف ومشكلة يشكل أيضاً دافعاً للكذب.
الدافع الأكبر
وأشارت إلى أن أكثر دوافع الكذب ظهوراً هو تصرفات الأهل في حياة الأسرة اليومية، فحين يكذب الأب بعلاقاته على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك الأم التي تتحدث بالسوء عن الجيران أو الأقرباء أو الأصدقاء، يلاحظ المراهق ذلك ويقلده ويزداد كذبه، فكيف يحاسب الأهل ولدهم وهم يكذبون؟ متناسين أنهم مثله الأعلى ودليله في بناء خبراته.
كيف يكون الحل؟
لذلك نستطيع القول والكلام للاستشارية بريمو: إن الكذب ليس طبعاً وليس مجرد تمرد بل هو سلوك وحله يبدأ من الكبار «الأهل والمعلم، الجد والجدة.. وغيرهم أي الدائرة الأقرب المحيطة بالطفل»، ويجب أن يعي الأهل أن تربية الطفل لا تنحصر فقط بالعناية بالمأكل والمشرب والملبس، بل هي مساعدة الطفل على بناء شخصيته بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية الواجب تأسيسها، وهذه المهمة العظيمة تبدأ من عمر ٦ سنوات، حيث يكون إدراك الطفل جاهزاً لتلقي هذه المفاهيم المجردة، يتلقاها ويقارنها بما تراه عينه وتسمعه أذنه من الأسرة بالدرجة الأولى، وثم من المدرسة.
وأكدت على أهمية الابتعاد عن التهديد في التعامل مع الطفل فهو أسوء من العقاب، ويجعل الطفل في حالة خوف وترقب، بل يجب أن يدرب الأهل أنفسهم على الصدق حتى ولو فقط بوجود أبنائهم، فإذا سمع الطفل من والديه أقوالاً وتبين له فيما بعد أنهما يكذبان سيصبح الكذب تصرفاً عادياً في نظره وسيستخدمه بنفس طريقة والديه.
وبينت أن حلّ المشكلات التي تدفع الطفل للكذب هي وسيلة أخرى يجب أن يقوم بها الأهل- بحسب رأي المحامية بريمو- فعليهم أن يشرحوا له الموقف وكيفية الخروج من المأزق بأقل الخسائر لكن بالصدق.. ومن المهم جداً توضيح الأمور للطفل بحوار بسيط ومباشر، وإشعاره من خلال هذا الحوار بقيمته والاتفاق معه على أنه سيقول الصدق دائماً دون خوف من أي شيء.
وختمت الاستشارية التربوية بقولها: نعِدُ الطفل ونخلف وعدنا، نحاسب الطفل، ونهمل التزاماتنا.. نصرخ بالطفل وننسى أنه في طور تكوين معارفه، فهو يخطئ عن جهل لا عن قصد.
