الثورة – يمن سليمان عباس:
لا تزال فرانسوا ساغان صوتاً منفرداً ومتفرداً في المشهد الإبداعي الفرنسي والعالمي، لمعت كالبرق وظلت تشع عطاء وإبداعاً إلى أن رحلت.
تمر هذه الأيام ذكرى رحيلها وتحتفي الأوساط الأدبية بها روائية من طراز مختلف.
من الأشياء الجميلة التي كتبها عنها الدكتور والمترجم إبراهيم استنبولي الحادثة التي جرت معها بعد أول إصدار لها..
(.. بعد أن كتبتْ روايتها الأولى “مرحباً أيها الحزن!”، حصلت فرانسواز ساغان على أول مكافأة أو أجر لها لقاء كتاب).
وفي يوم من الأيام نذرت لنفسها أن تنفق أول جائزة تحصل عليها بطريقة “غير عادية تماماً.
وبعد حصولها على المال، سافرت الكاتبة إلى منتجعات هونفلور ودوفيل للاحتفال بالمناسبة.
وعندما كانت على وشك أن تنفق كل شيء تقريباً، ذهبت لتلعب بالباقي في الكازينو. كانت ساغان تعشق الأرقام 3، 8، 11- تلك هي الأرقام التي كانت عزيزة عليها، وبعد أن فقدت ما تبقى من أجرها بالكامل تقريباً، راهنت بكل ما لديها على الرقم 8 أسود وفازت- وبحلول الصباح كانت قد ربحت بالفعل في الكازينو ما يعادل 300 ألف يورو (بسعر الصرف الحالي).
بعد الانتهاء من اللعب وبعد أن انتهت من شرب زجاجة من أغلى أنواع الشمبانيا، ذهبت للبحث عن فندقها، يقولون إن الشمبانيا تخلط بين الأفكار والنوايا والسبل. وسرعان ما رأت قصراً جميلاً للغاية يتمتع بإطلالة خلابة. كان فندقاً خاصاً تملكه إحدى العائلات.
قال صاحب العقار إن الفندق مكتظ بالزبائن ولا يوجد مكان شاغر، ردّت فرانسواز بأنها نعسة جداُ ومرهقة للغاية.
فسألته: “ما هو سعر الفندق؟”.
أجاب المالك إن سعره 200 ألف فرنك.
فتحت ساغان الثملة حقيبتها وألقت 300 ألف على المنضدة، وأعلنت أنها تشتري الفندق بأكمله.
“ماذا ستفعلين مع نزلاء الفندق؟” سأل المالك بتلعثم.
“دعهم يعيشوا هذا الصيف، وسوف آخذ القصر في فصل الخريف”.
في ٢٤ أيلول من عام ٢٠٠٤ رحلت فرانسواز ساغان، وكانت قد نشرت روايتها “صباح الخير، أيها الحزن” عام ١٩٥٤.
أمضت فرانسواز ساغان حياتها كلها تقريباً في ذلك المنزل. أطلقت عليه اسم “بيت قلبي”. اليوم أصبح المنزل متحفاً للكاتبة، تلك المرأة الهشة الساحرة التي “حطمت” الكازينو ثم قالت لنفسها:
“وداعاً أيها الحزن!”…
من إبداعها ..
“الأمر الوحيد الذي أندم عليه هو أنه لن يتسنى لي قراءة كل الكتب التي أود قرائتها.”
―
“إن كان لابد من فضيلة تستحق الدفاع عنها فهي فضيلة الخيال، لأنها تسمح لنا بأن نضع أنفسنا مكان الآخرين ونكون أكثر تسامحاً وتفهماً”
―
“أن تحبّ شخصاً آخر يعني أن تحبّ سعادته”
―
“إن للحياة فترات من الهدنة أحيانا، ينظر المرء فيها إلى نفسه في المرآة وهو
يبتسم ابتسامة خجولة متكبرة ومتواطئة معاً، من دون أن يكون له مطلباً آخر
سوى أن يكون حياً ومرتاحاً في كيانه، بينما يزقزق عصفور الليل “هوليهوليا”. لكن هذه
الفترات نادرة: فالنمور الكامنة في محركاتنا المختلفة لا تلبث أن تستيقظ وتنهش بعضها البعض.”
―
Li “أود فقط أن أعيش كما يحلو لي وأكتب”
“الحب مثل المال لابد من صرفه”
―
“الفن يجب أن يفاجئ الواقع.”
―
“لم أنتظر شيئا من الحياة، ولم أتوقع شيئا من أحد، فالحياة في حد ذاتها تكفيني.”
―
“لم أكن أعرف الحزن. ولكن فقط الضمير والندم، وفي أحيان نادرة، الحب.
واليوم، هناك شيء ما ينثني فوقي، مثل غطاء من الحرير الناعم والمثير للغضب، ويفصلني عن الآخرين”
―
“ها هي الكلمة المفتاح: العزلة، هذا الأرنب الآلي الصغير الذي يفلت في ميدان سباق الكلاب السلوقية ويركض خلفه كلاب أهوائنا وصداقاتنا اللاهثة والشرهة؛ هذا الأرنب الصغير الذي لا تمسك به أبداً لكنها تعتقد دائما أنه بمتناولها؛ إلى أن يغلق الباب بوجهها، الباب التي تكبح أمامه وتطرق رأسها به، مثل بلوتو. عدد الكلاب التي تشبه بلوتو في الكائنات البشرية…”
― “حين نرث قلوبنا ، نرث أحزاننا أيضاً”
―
“لا يعني الزي شيئا إذا لم يكن يوحي للرجال بنزعه من عليك.”
“في الحقيقة، بما أن الشيء الوحيد الذي أحترمه هو الزمن، من البديهي أنني لا أستطيع أن أمتع نفسي أو أؤذيها بالعمق سوى بالنسبة له.”
― هي تتمتي الحسنة هذه هي بقرة هادئة أجرها بالحبل منذ ولادتي رحلت في ٢٤ أيلول ٢٠٠٤… (١٩٣٥ – ٢٠٠٤).