كل ما يجري في الدنيا يكون للاقتصاد النصيب الوافي منه، فأي حرب تنتهي في أسابيع أو أشهر ولكن عقابيلها الاقتصادية تستمر سنوات وسنوات، وهذه القاعدة لا تشذ منطقتنا عنها بحال من الأحوال، فما يجري في محيطنا من أمور سياسية وحتى عسكرية لا يخرج حكماً عن دائرة الاقتصاد، فالعدوان المستمر على لبنان غُلِّف بإجراءات اقتصادية يمكن أن تُختصر بضرب المعبر ما بين لبنان وسورية في المصنع اللبنانية المفضية إلى جديدة يابوس السورية.
هذا الأمر وكما له آثاره ومفاعيله ونتائجه سياسياً وأمنياً وعسكرياً، له كذلك تداعيات اقتصادية، ولعل من البديهيات أنه يخلق تحدياً طارئاً وعاجلاً أمام الحكومة بإيجاد حل لبطء وشبه تلاشي الإنتاج ولا سيما الزراعي منه، ناهيك عن المسألة الأقدم وهي صوامع الحبوب إلى جانب خلق مخازين مهمة من المواد الغذائية بدءاً من الحبوب كالأرز والعدس والشعير والحمّص وصولاً إلى الخضروات ولا نقول الفواكه.
لا بد من إجراءات عاجلة لا تخضع للخطط والاجتماعات، بل لابد من مجموعة من الإجراءات العاجلة التي تسابق الوقت، فاللقمة الآن أهم وأكثر أولوية من أي شيء آخر ولا سيما مع النزوح اللبناني المستمر إلى سورية، فاللقمة يمكن أن تقسم نصفين بين السوري واللبناني ولكن من واجب الحكومة ومن حق الشعب عليها أن توجد هذه اللقمة، وأن تكون في إطار الوفرة لا القلّة وتلافي حدوث فجوة سلعية في الأسواق، الأمر الذي يعني المباشرة في خلق الأسواق الشعبية الجماعية على أطراف المدن وفي المساحات المفتوحة ضمن المدن، لتكون مقصداً لتدفق المنتجات الزراعية واليدوية وسواها ما يدخل في إطار الغذائيات.
لا مناص من لجم التجار بمختلف حلقاتهم التوزيعية والربحية حتى لا تكون إجراءات الحكومة وإقبال المواطن يصبّان في جيب التاجر الذي لم يرحم على مدى سنوات ولا بد من حل لمشكلة الأسعار وتفاوتها والمزاجية الوحشية في تحديدها دون أن تتمكن جهة رقابية من وضع حد لها ولجشع الباعة ومن خلفهم من تجّار ومستوردين.
المسألة عاجلة وإسعافية وتستلزم تحرّكاً موازياً لعُجالتها على الأرض لأن الأساس الذي تُبنى عليه التحرّكات في الاقتصاد المعاشي غير موجودة أصلاً ولم يتم وضعها من قبل، ما يعني تضخّم التحدي أمام الحكومة ولا نملك إلا القول: نأمل ذلك.