الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
قال مصرف سورية المركزي إن السياسة المالية تلعب في سورية دوراً مهماً في التأثير على توقعات التضخم على الأجلين القصير والطويل وتثبيتها، بالنظر إلى أن أي إعلانات حول الأوضاع المالية (والتي تبين مقدار التكيف والمرونة المالية المدعومة بإجراءات حثيثة)، إنما تشكل خطوة أساسية في ضبط الأسعار، وبالتالي تخفيض توقعات التضخم المستقبلية وضبطها ضمن المعدلات المناسبة لتنشيط الإنتاج وملاءمة المستوى العام للأسعار.
الخصوصية السورية
وبحسب المركزي في دراسة له حول “إعلانات ضبط الأوضاع المالية في المساعدة على تثبيت توقعات التضخم” فإن هذه الإعلانات في سورية قد لا تجني ثمارها المرجوة (احتمالاً) خلال الأجل القصير، على اعتبار أنها تتطلب بيئة اقتصادية أكثر جاهزية واتخاذ سياسات وإجراءات عديدة لتحسين واقع الإيراد المالي، إضافة إلى تفعيل أكبر للدور المالي النقدي المشترك، وصولاً إلى صيغة فاعلة لضبط التضخم الحالي والمستوى العام للأسعار، بالتوازي مع مراقبة تأثير إعلانات الأوضاع المالية على التوقعات التضخمية اللاحقة وجدواها، وذلك فيما يتعلق بتخفيض معدل التضخم وضبط واستعادة استقرار الأسعار عند المستويات المتناسبة مع الدخل.
كوفيد- 19 مجدداً
المركزي أشار في دراسته إلى أن التضخم عاد للظهور في أعقاب أزمة كوفيد- 19 مدعوماً بالصدمات العالمية الأخرى، ومصحوباً كذلك بعلامات حول تفكك توقعات التضخم على المدى القريب في العديد من البلدان، مع آثار مهمة على ديناميكيات التضخم، مبيناً أن هذه الاتجاهات أدت إلى زيادة الاهتمام بدراسة محركات توقعات التضخم وتحليل تفاعلات السياسة المالية والنقدية، لافتاً إلى أن هذا الأخير يكتسب أهمية خاصة نظراً للدعم المالي الكبير الذي قدمته الحكومات لتخفيف آثار الوباء على الأسر والشركات، وكذلك الدور المحتمل الذي يمكن للسياسة المالية أن تلعبه لاستعادة استقرار الأسعار.
الاقتصادات المتقدمة والناشئة
الدراسة تضمنت شرحاً حول ما استكشفته ورقة أعدت –بناء على ذلك- لصالح صندوق النقد الدولي، من دور إعلانات ضبط أوضاع المالية العامة في تشكيل توقعات التضخم، مستخدمة لذلك بيانات ربع سنوية وقاعدة بيانات جديدة لإعلانات ضبط الأوضاع المالية العامة لعينة من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة، وذلك بهدف تحديد مدى تأثير التشديد المالي على توقعات التضخم، حيث تعتمد إستراتيجية التحديد على حقيقة مفادها أن من غير المرجح تعديل تدابير ضبط الأوضاع المالية العامة لتتوافق مع التغيرات في توقعات التضخم خلال ذات الربع.
قوة الأطر المالية
الورقة بينت أن إعلانات ضبط الأوضاع المالية تعمل على خفض توقعات التضخم على المدى المتوسط (لثلاث وخمس سنوات قادمة)، ولكن ليس على المدى القصير (عام واحد قادم)، حيث أوضحت بعض الأدلة أن إعلانات الضبط المالي تقلل من الخلاف حول التضخم المستقبلي المتوقع على المدى الطويل، حيث يتعزز الدور الداعم الذي تلعبه إعلانات ضبط الأوضاع المالية من خلال قوة الأطر المالية والنقدية للدولة، وكذلك عمل السياسة المالية والنقدية جنباً إلى جنب.
استجابة توقعات التضخم
إضافة إلى ما سبق، فقد وجدت الورقة أن الظروف الأولية مهمة، فاستجابة توقعات التضخم لإعلانات ضبط الأوضاع المالية تكون أبعد في فترات ارتفاع معدلات التضخم المعاصر، وبوضع هذه النتائج في متناول اليد يظهر أن فعالية ضبط الأوضاع المالية في السيطرة على التضخم المحقق تعتمد إلى حد كبير على استجابة توقعات التضخم لإعلانات ضبط الأوضاع المالية، ما يؤكد أن السياسة المالية ضرورية لتثبيت توقعات التضخم وعنصر أساسي في عملية ذات مصداقية لخفض التضخم.