لن يكون البحث في صوابية القرارات مجدياً بعد صدورها، لكن قد يكون مفيداً إبداء الآراء والرؤى، إن كان ثمة استثمار لهذه الأخيرة للاستفادة منها في قرارات لاحقة.. وهنا نرى أن موضوع تصدير زيت الزيتون جدير بالدراسة وتجميع الآراء – ولو بعد صدوره – لجهة.. التوقيت أولاً.. ثم الكميات المسموحة ثانياً.. والتفرغ لدراسة التكاليف الحقيقية لهذا المنتج ثالثاً.. أما رابعاً وهو الأهم.. كيف علينا أن نصدّره مصنّعاً أم نصف مصنّع أم خاماً… وكيف لنا أن نضمن ضبط عملية التصدير دون تلاعب وغش.. أي فساد باختصار..
محصول زيت الزيتون السوري، ربما هو الوحيد الباقي من المحاصيل التي تستحق أن نسميها إستراتيجية، بعد خروج القمح والقطن والشوندر من القائمة، لذا يستحق الزيت السوري بجودته الشهيرة أن نفرد له حيزاً وافراً من اهتمامنا، لنكون “إستراتيجيين” كما إستراتيجية هذا المحصول.. والاهتمام ليس بالتسويق وحسب، بل بكامل مراحل واحتياجات الموسم المحبب إلى قلب الفلاح والمستهلك وبينهما التاجر وبلدان المقصد بالنسبة للصادرات منه.
لمستلزمات وأدوات رعاية هذه الزراعة المجزية، متطلبات ومطالب تعرفها الجهات المعنية أكثر من أي صاحب رأي لن يقدم إلا القليل من الأفكار المضافة على ما لدى المعنيين.. وإن كانت الحقيقة غير ذلك نكون فعلاً في مشكلة كبيرة.
لذا لن نتدخل بالشأن الفني لإدارة محصول زيت الزيتون، وسنكتفي بإبداء رأينا بتفاصيل عملية التصدير، ولعلنا سنساهم بترسيخ تقاليد واجبة، إن لم نقدم جديداً.
والرأي القاطع الذي على الجميع ألا يناقشه، هو أنه من الكبائر في اقتصاد كاقتصادنا السماح بتصدير ولو ليتر واحد من زيت الزيتون بشكل خام، كما كنا نفعل طيلة سنوات وعقود سابقة، لأن في ذلك ضياعاً لفرص تصنيع دسمة، وخسارة لقيم مضافة مجزية العائدات، وفوات منفعة كبيرة يفترض أن تشمل كل من له علاقة بالمحصول، من الفلاح وصولاً إلى الخزينة العامة والاقتصاد بمشهده الكلّي.
وسنسأل هنا دون أن ننتظر إجابة، ونترك البحث عن إجابات للمعنيين.. كم لدينا من خطوط معالجة زيت الزيتون وتعبئته..؟
ما الطاقة الإنتاجية لكل هذه الخطوط والمعامل – إن كان لدينا معامل وخطوط معالجة حقيقية – ثم ما هي أحجام العبوات التي يعبأ فيها الزيت السوري المعد للتصدير؟.
هي تساؤلات من المهم أن يكون للجهات التي تدرس وتخطط.. إجابات دقيقة عليها، ولا يجوز ألا يكون بحوزتها أرقام ومعطيات تفصيلية عنها، كي لا نتوهم أننا نصنع زيتنا ونصدره جاهزاً للاستهلاك، وليس لمصانع التكرير والتعبئة في بلدان المقصد.
ختاماً.. ثمة معلومة من المهم أن يعرفها الجميع، وهي أن إسبانيا هي أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، وهي أكبر مصدر له، لكنها أكبر مستورد لزيت الزيتون السوري.. لأنها تعيد تعبئته وتصنيعه وتصديره إلى الأسواق العالمية، وقد تكون السوق السورية إحدى الأسواق العالمية المستهلكة لما تصدره أسبانيا… نظن أن الفكرة واضحة ومقاربتنا صحيحة، ونحن ننتظر رأي من يرى غير ذلك.
نهى علي