منتجات الصناعات الغذائية.. تفعيل قدرتها التنافسية تحتاج لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية والتوجه نحو الصناعات التكاملية

الثورة – تحقيق وفاء فرج:

شكلت منتجات الصناعة بشكل عام والغذائية منها بشكل خاص رقماً صعباً في الصادرات السورية، حيث كانت تصدر لأكثر من ٩٠ دولة في العالم واستطاعت أن تحفر اسماً لها في الأسواق الخارجية.
ركود تضخمي ناتج عن ارتفاع الأسعار
عضو غرفة صناعة دمشق حسام مكي أوضح لـ “الثورة” أن الصناعة السورية تعاني من عدة مشكلات سواء على مستوى الأسواق الداخلية والأسواق التصديرية، وأهمها مشكلة التضخم التي انعكست سلباً على الصناعة.

وبيّن أن التضخم زاد بشكل كبير من تكاليف الإنتاج على الصناعيين وعلى السوق المحلي، وذلك من خلال إحداثه ركوداً تضخمياً نتج عن ارتفاع الأسعار، ما أثر على التصدير بشكل كبير جداً، وهذا ما لمسناه في الفترة الأخيرة من خلال عدم القدرة على المنافسة.
الأسباب
وأوضح أن ارتفاع التكاليف كان بسبب اتباع سياسات اقتصادية غير مناسبة، فالسوق بطبيعته يعتمد على العرض والطلب وحين تمّ إقرار ترشيد الاستيراد وتأخير في إجازات الاستيراد ووجود المنصة التي أعاقت عمليات الاستيراد أدى إلى التأخير بشكل كبير لدخول مستلزمات الإنتاج.
وأشار إلى أن أغلب الصناعيين يواجهون المعوقات إضافة إلى أن غرفة الصناعة بدمشق واتحاد الغرف وصلهم عدة كتب من بقية الغرف ومن شركات صناعية، يؤكدون فيها أنهم يعانون من ارتفاع تكاليف القطع وأنهم لا يستطعون المنافسة ومنهم من يشتكي مثلاً من عدم وصول الدقيق، وأن المستورد أرخص من المحلي، إضافة لوجود مشاكل عديدة لنفس السبب من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج.
إعادة النظر
وأمل مكي من الحكومة الجديدة إعادة النظر بسياساتها الاقتصادية فيما يخص الإنتاج ومدخلاته لتعزيز القدرة التنافسية، والحد من ارتفاع الأسعار في السوق المحلي، مبيناً أنه يمكن أن يكون هناك عدة إجراءات لمعالجة هذه المعوقات بحيث تعود المصانع السورية للإقلاع بإنتاجها.
وقال: إن زيادة الإنتاج تتطلب إعادة النظر بسياسة التعاطي مع عمليات الإنتاج سواء الزراعي أو الصناعي الزراعي، لأنه قطاع مهم جداً وبحاجة إلى دعم كبير من الحكومة للنهوض به.
صناعات تكاملية
وقال: ثمة عدد من الشركات انتقلت من الصناعات التحويلية إلى الصناعات الزراعية الغذائية التكاملية موضحاً أن هذا الأمر من ضمن أهدافهم الإستراتيجية، والتي يعملون فيها على تحقيق الصناعات التكاملية دون إلغاء الصناعات التحويلية.
ونوه بضرورة إعداد مشروع قانون أو مرسوم تشريعي ينظم العلاقة بين الصناعي والمزارع، والتعاون ما بين القطاعين الزراعي والصناعي مبيناً وجود تداخل كبير بين القطاع الزراعي والصناعي ومن ضمنهم صناعة الكونسروة التي تشكل قيمة مضافة كبيرة، وتتميز سورية بصناعة الكونسروة وبزيت الزيتون، ولابدّ من دعم مزارعي الزيتون لزيادة المحصول بتخفيض الأسعار وزيادة القدرة التنافسية، إضافة للتوسع بزراعة البطاطا لتغطية حاجة المعامل، بالإضافة إلى زراعة الفول السوداني المستحدثة لدينا منذ عدة سنوات، وهناك دعم وتشجيع للمزارعين لزيادة المساحة المزروعة في الفترة القادمة لاستجرار المحاصيل الكاملة منهم.

دعم الزراعة
وأضاف مكي، أنه يمكن الاستفادة من تجارب الآخرين بزراعة أصناف بعينها، كما فعلت ماليزيا التي اهتمت بزراعة النخيل حيث تستخرج منه الزيوت وتصدرها إلى كلّ دول العالم، وبالتالي إن عائد التصدير ينعكس على الاقتصاد الوطني، ويحد من الارتفاع المستمر في سعر الصرف والحد من البطالة، وبكلّ تأكيد فإن عجلة الإنتاج تدور بشكل أفضل.
نتائج ضعف التنافسية
وبين أن الصادرات السورية في الخمس سنوات الأخيرة تراجعت بسبب ضعف القدرة التنافسية بسبب ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج إلى نحو ٣٠ إلى ٤٠ % عن الأسواق الأخرى، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على حجم الصادرات، والتي تعتبر قليلة وغير كافية وحتى يكون هناك تحسن اقتصادي يجب أن يكون لدينا حجم صادرات يفوق حجم الواردات في سورية. مشيراً إلى أهمية دعم الحكومة في تعزيز القدرة التنافسية بهدف زيادة حجم الصادرات كون المنتج السوري يتمتع بميزة تنافسية عالية.
تغيير آلية العمل الاقتصادي
وطالب بالسماح باستيراد المواد التي منع استيرادها وهي من مدخلات الإنتاج مشيراً إلى ضرورة منح تسهيلات لاستيراد كل مدخلات الإنتاج كونها تشكل قيمة مضافة بعد تصنيعها، ويمكن أن يستوردها الصناعي من عائدات تصديره بحيث لا تشكل عبئاً على الخزينة.
القدرة التنافسية بحسب الأسواق
من جهته الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش أوضح أن القدرة التنافسية وطبيعتها وأدواتها تتغير بحسب طبيعة الأسواق المستهدفة، فهناك أسواق المنافسة التامة وأسواق الاحتكار التام وأسواق احتكار القلة وغيره، ويرتبط ذلك بتصنيف المنتجات ضمن هذه الأسواق.

وقال: بالعموم تصنف المنتجات الغذائية ضمن تصنيف السلع الاستهلاكية الاستقرابية وتتبع بالعموم مفهوم أسواق المنافسة التامة.. ومن خلال ذلك يمكن تحديد معايير التنافسية للصناعات الغذائية السورية واختصارها بعوامل التكاليف والأسعار، وتتضمن التمويل، وبتقنيات وأساليب الإنتاج وتتضمن الابتكار والإبداع، وبالمواصفات والجودة وتتضمن المواد الأولية والوسيطة والنهائية، وبالتسويق والحصة السوقية من حيث الانتشار والتواجد، والموقع الجغرافي واللوجستيات المتعلقة به من حيث الإمداد والتموين والنقل.
مزايا
وأوضح أن الصناعات الغذائية تتمتع بمزايا تنافسية هامة ومتفوقة على مستوى الأسواق المحلية والخارجية، ولكنّها تأثرت كثيراً بظروف الأزمة والحرب والحصار والعقوبات، ما أفقدها الكثير من قدرتها التنافسية ولاسيما في الأسواق الدولية التقليدية للمنتجات السورية..
ولفت إلى أن تكاليف الإنتاج زادت مع تراجع الإنتاجية بسبب ضعف الطلب المحلي نتيجة ضعف القدرة الشرائية في الأسواق المحلية وارتفاع تكاليف حوامل الطاقة والنقل وتراجع كفاءة اليد العاملة، وكذلك تراجع الطلب الخارجي نتيجة العقوبات والحصار.
وأشار إلى تأثر أساليب الإنتاج وتقنياته بحكم الظروف ذاتها، وكذلك تراجع الزراعات كماً ونوعاً التي تعتبر مواد أولية للصناعات الغذائية محلياً، مع صعوبة تأمين المواد الأولية المستوردة لعراقيل عدة محلية وخارجية. وتأثرت بفعل ذلك بنسب متفاوتة مستويات الجودة ومعاييرها.
افتقار للدعم
وبالإضافة إلى ما تقدم اعتبر الخبير الاقتصادي أن الصناعات الغذائية تفتقر للدعم الكافي ولاسيما في التسويق الدولي، وبالتالي اعتمدت الشركات الوطنية على إمكاناتها الذاتية في المنافسة محلياً ودولياً، ورغم كل الظروف الصعبة استطاعت الكثير من شركاتنا الاستمرار في الأسواق المحلية، وبعضها أسس مصانع في الأسواق الخارجية لتجاوز الحصار والعقوبات.
ضرورة ملحة
ووفقاً لما سبق نجد أن تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الغذائية الوطنية ضرورة ملحة لتحقيق هدفين مهمين يتمثلان في تعزيز قدرة الصناعات الغذائية المحلية في الأسواق المحلية لتأمين المنتجات الغذائية الأساسية للمواطنين بجودة وأسعار مناسبة وزيادة قدرتها على أن تحل محل المنتجات المستوردة وبالتالي تخفيض الاستيراد، وفي تعزيز قدرة الصناعات الغذائية المحلية على الحفاظ على أسواقها الخارجية وزيادة قدرتها التنافسية في تلك الأسواق.
تخفيض تكاليف الإنتاج
وبين د. عياش أنه لتحقيق ذلك يجب على الصناعات الغذائية السورية تحقيق معايير التنافسية الثلاثة وفق ما تحدده منظمة الوايبو WIPO وهي أن تكون الأفضل – والأسرع – والأرخص (الأنسب)، وهذا يتطلب جهوداً كبيرة وتعاوناً كبيراً بين قطاع الصناعات الغذائية والجهات الرسمية ذات العلاقة، ومنظمات قطاع الأعمال بغية تخفيض تكاليف الإنتاج وتطوير تقنياته وزيادة الإنتاجية والجودة.
وأكد أن إحدى أهم السياسات الفاعلة في هذا الاتجاه هو اعتماد مفهوم الزراعات التعاقدية والتي تعتبر مدخلات للصناعات الغذائية.. وكذلك تشجيع التشبيك بين المشاغل الصغيرة والشركات الكبيرة في مجال الصناعات الغذائية، ودعم التسويق الدولي لشركات الصناعات الغذائية على مستوى دراسات الأسواق الخارجية، والترويج الدولي، وإجراءات وتكاليف الشحن والتصدير.
دعم المخرجات
وبيّن أن أحد أهم السياسات الناجعة في هذا الاتجاه هو تطبيق دعم المخرجات عوضاً عن دعم المدخلات في الإنتاج والتصدير، وكذلك تطبيق مفهوم (منافسة الدولة) تطبيقاً لشعار صنع في سورية، حتى لا تبقى شركاتنا تتحمل أعباء التنافسية الكبيرة منفردة في الأسواق الدولية.

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين