الثورة- دمشق – مازن جلال خيربك:
يقول الخبر المتعلق بزيت الزيتون، إن وزارة الزراعة قدرت الإنتاج وأوصت بتصديره، وبطبيعة الحال وزارة الاقتصاد أصدرت هذا القرار بالسماح لتعود مجدداً إلى الواجهة قضية مادة رئيسية لغذاء المواطن يتم التصرف بها دون الأخذ برأي الجهتين المعنيتين تماماً- على اعتبار الزراعة والاقتصاد مجرد وسيط- وهما الفلاح المنتج والمواطن المستهلك.
تقديرات مجهولة الأساس
وفيما يتعلق بمتن الخبر فقد تواصلت “الثورة” مع الكثير من الفلاحين في الساحل ولاسيما منهم محافظة اللاذقية، وتبين أن التقديرات التي خرجت بها وزارة الزراعة والتي تقول بإمكانية تصدير 10 آلاف طن من زيت الزيتون إنما مبنية على معطيات لا يعلم أحد من أين استقتها، فجزء مهم من الفلاحين لم يقدم على القطاف الكامل ولم يعصر أبداً، فمن أين خرجت الزراعة بتقديراتها؟ فقد بيّنت الاقتصاد في بيانها أن “السماح بتصدير المادة المذكورة وفق الكميات المحددة جاء بناء على تقديرات وزارة الزراعة للفائض المتاح للتصدير تبعاً لكميات إنتاج الموسم 2024-2025، ومتوسط الاستهلاك على أن يراعى ضوابط محددة لجهة حصر تصدير المادة بالشركات والمعامل المرخص لها بفلترة وتعبئة زيت الزيتون وبعبوات محددة السعة وبمواصفات توثق أصالة المنتج السوري”..!!
ثانياً، وهو الأهم من قال لوزارة الزراعة إن الفائض موجود بعد تجارب سابقة مريرة، فالتصدير سبّب ارتفاع السعر نتيجة كثافة الطلب وقلة العرض، ليصل سعر صفيحة زيت الزيتون إلى 1,5 مليون ليرة سورية..!!.
المشكلة أن الجهات التي تتخذ القرارات تعتبر أنها فقط المعنية، ناسية بأنها فقط ميسّر وقائمة على خدمة القطاع وليست متصرفا فيه.
عرض لا يمكن رفضه
وكما في السابق، بدأت بعض الجهات التجارية المستفيدة بتقديم العروض المغرية للفلاحين الذين لا يجدون وسيلة لتصريف منتجاتهم بسعر مجزٍ إلا عن طريق هذه الجهات، بدؤوا يتلقون العروض لبيع إنتاجهم لها ولا يُلامون على ذلك، لأنهم يحتاجون المأكل والمشرب، كما الجهات التجارية التي تشتري والجهات الوصائية التي أصدرت القرار، وبالتالي نكون أمام حالة احتكار القلة، أي عدد قليل من الأشخاص الذين يحتكرون مادة أو قطاع بأكمله بإنتاجه يتصرفون فيه بيعاً وشراء وتصديراً، وهي حالة مشابهة تماماً لحالة الفواكه والخضار التي كان يتم تصديرها لترتفع أسعارها بشكل جنوني، والتي فرح المواطن بعوائق تصديرها خلال الموسم الحالي كونه تمكن من تناول بعضها كالكرز والدراق.
وعليه فكان الحل الوحيد هو السوق الداخلية حتى يتم تصريف المنتجات فيها، ورغم أن الحكومة دائماً تتحدث عن اقتصار التصدير على الفائض، ولكن وما أن يُفتح باب التصدير حتى تُنسى فقرة الفائض، ليس لأن المواطن موجود على المعابر ويعرف، بل لأن الأسعار في الداخل تتحدث عن ذلك، ما يعني أن مائدة المواطن هي الحلقة الأضعف في كل سلسلة التوصيات والقرارات وعمليات التصدير.
حلول مؤازِرة
نقطة أخرى شديدة الأهمية، فكما حال الحمضيات ينحدر حال زيت الزيتون، وحتى اليوم ورغم أن أي محاصيل أخرى لا يمكن القول عنها استراتيجية باستثناء محصولين اثنين ينتجهما الساحل، وهما الحمضيات وزيت الزيتون، فلماذا حتى اليوم لم يتم اعتبار زيت الزيتون محصولا استراتيجيا ما دام مرغوباً إلى هذه الدرجة في الخارج ويوصى بتصديره لتأمين القطع الأجنبي بحيث تتم رعايته ودعمه والتوسع في زراعته، أما الحلم الأجمل فهو التوصية بتشجير الأراضي الزراعية –لا الحراجية- المحروقة مجدداً بشتلات الزيتون، والطريف أن في سنوات سابقة تمت التوصية بزراعة الحمضيات فأقدم الفلاح على قلع الزيتون وزرع الليمون ليتفاجأ أنه في خضم أزمة كبرى، ولا أحد يعترف على هذا المحصول الذي نُصح بزراعته.
خَيار مرن
لابد من الالتفات إلى زيت الزيتون على اعتباره ووفقاً لآراء جهابذة الزراعة، ولما يسوقون من مبررات أنه مهم ومرغوب خارجياً، ويعود تصديره علينا بالقطع الأجنبي الذي نحتاج، أو فليتركوه وشأنه حتى يكون في متناول المواطن، والخَيار حكماً ليس صعباً.