المتلازمة…اتساع المعنى ورحابة المشهد

الملحق الثقافي- حسين صقر:
كلمتان وأحيانًا ثلاث أو أكثر تتوارد مع بعضها عادة وتتلازم في اللغة، تسمى متلازمات لأنّها تلازم بعضها بعضاً من حيث ورودها في اللغة، فالتلازم إذاً من التوارد والتوافق المتكررين للكلمات مع بعضها.
عرفت هذه الحالة بأنّها عبارة عن تجمعات معجمية لكلمتين أو أكثر ترد مع بعضها بعضاً، لكنها رغمًا عن ذلك تستعمل بمعانيها غير الاصطلاحية بمعنى شفافة تماماً.. بالطبع كل مكون من مكونات التلازم هو مكون دلالي له كيانه ومعناه، و يظهر في إلزامية حضور كلمتين أو أكثر من أجل بلوغ المعنى من هذا التجمّع اللفظي.
والمتلازمة تمتاز بقابلية الفك والاستبدال في تأليف النص أو صياغة الخطاب في مساحة، حيث الأخيران ليسا مجرد متوالية لسانية، أو مجموعة كلمات مجتمعة كيفما اتفق وبدون ترتيب وتنظيم، بل هما بناء لساني محكم و تتابع متماسك.
ومن هذا المنطلق فالمتلازمة هي أدب التحدي، لكونها محددة بعدد الكلمات مع ضوابط وشروط، ومن هنا نجدها تحد لمقدرتنا الفكرية التي نريد بلورتها لغوياً في متلازمة مكثفة ومدهشة، حيث تصنف ضمن الأدب السهل الممتنع، ومن جماليات هذا النوع الأدبي الجديد أنه يحوي المشاعر والرسالة والهدف كغيره من الأنواع الأدبية وليس فقط رص كلمات أو عبارات لغوية، رب كلمات محددة تفي غرض قصص وهذا هو الممتع في أدب المتلازمات، كأن تعبر عن كلمة مثلاً، بالقول: لأن الابتسامة أقوى ..تقول للحزن: لن تغلبني.
ولأن المحاولة شرف..تقول: للفشل: لن تتمكن مني.
ولأن الطموح مشروع.. يقول للإحباط: لن تسيطر علي، ففي كل يوم أمل و حياة و عمر جديد.
أو كأن نقول: « لأنهم يمزقون أواصر المحبة..ترتق الشياطين دروبها».
أو « لأن عينيك شواطئي..يغرقني الحنين».
و المتلازمة إحدى ألوان الأبيجراما التي تبنت فن النص المختزل المكثف، أو الكتابة على شيء و النقش على الحجر في المقابر بوصفها عملية إحياء لذكرى المتوفى، أو نحت تمثال لأحد الشخوص، إلى أن تحولت إلى نوع شعري قائم بذاته، وبهذا تكون أدب راق رفيع المستوى، وطريقتها السلسة المكثفة والموحية بالدلائل والقوة والمعنى، تجعل القارئ يستمتع بها والكاتب يتوق دائماً لإتقانها.
« فلأن الحرية حلم تطاردنا.. الكوابيس» و «لأنهم يهتفون مطبلين.. يصفعهم الاجتياح»
فأدب المتلازمة ظهر كأدب مستقل، على يد الأديب المصري المبدع الدكتور أيمن خليل و تم توثيقها بوزارة الثقافة المصرية وانتشر بسرعة كانتشار النار في الهشيم، وكان أهم ما يميزها أنها اتسعت لتشمل الزمن المضارع، لضيق أفق الزمن الماضي الذي تكلس في جنس الومضة القصصية، وتحددت بشروط، بألا تزيد كلماتها عن عشر كلمات.
وعنوانها جزء لايتجزأ منها، ولابد أن يكون نكرة، أما البداية لابد أن تكون في الزمن المضارع أما الشق الثاني فلا ضير إن كانت من الفعل الماضي، وبالنسبة للاستهلال، كما لابد أن يبدأ ب «لأن، لأنه، لأنك …وهكذا.
5- النقطتان (..)ضروريتان دون ترك مسافة بعد الشق الأول، وهي للتفريق مابين المتلازمة والومضة مع وضع نقطة بالنهاية تكون متلاصقة للكلمة دون ترك مسافة.
والمتلازمة أثرت تأثيراً واضحاً في الأدب العربي كأدب جديد مستقل ظهر في العصر الحديث، و أصبحت له مؤلفات كثيرة وانتشر بشكل كبير في جميع مواقع التواصل الاجتماعي ونظمت له مسابقات كثيرة، وهذه بعض الأمثلة المنقولة عن تلك الصفحات.
* نميمة
«لأن ألسنتهم طويلة.. يتلذذون في مضغ لحمنا»
* واقع
« لأن الوطن مريض.. يحقنوه ألماً»
* فقر
«لأن بطونهم ضامرة.. تقرقع ضمائر الأغنياء»
* إبداع
«لأن المتلازمة وليدة الأدب.. أينعت حروفها»
إذاً تعتبر المتلازمة من الأنماط الأدبية التي ظهرت حديثاً، و تميزت بإبداعات عشاق القلم و الحرف، و هناك منهم من قام بجمع و طبع و نشر متلازماته في مؤلفات و شارك بها في المعارض العربية للكتاب، و هذا هو حال المتلازمة حاضراً و مستقبلًا و ستعرف جذب اهتمام المبدعين و النقاد إليها جيلًا بعد جيل.
                          

العدد 1210 – 22 – 10 -2024 

آخر الأخبار
رقابة غائبة وتجار متحكمون.. من يدير الأسواق والأسعار؟ الخريجون الأوائل من الجامعات  للتعيين المباشر في المدارس   تأهيل ثلاث مدارس في ريف دير الزور  التنمية الإدارية تنشر قوائم تضم 40,846 مفصولاً تمهيداً لإعادتهم إلى العمل  تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ"الثورة": لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديد... "أوتشا": خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بكارثة إنسانية   الصناعة والتجارة الأردنية: 200إلى 250 شاحنة تدخل سوريا يومياً تعرفة الكهرباء الموجودة..  بين ضغوط "التكاليف والإمكانات"   الاتفاقية السورية- السعودية خطوة استراتيجية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني  "إدارة الموارد المائية في ظروف الجفاف بمحافظة اللاذقية" تحديث منظومة الضخ من نبع السن وتنفيذ محطات ... مرسوم  بتعيين إبراهيم عبد الملك علبي مندوباً دائماً لسوريا في الأمم المتحدة  نيويورك تايمز: جرائم نظام الأسد تغيّب مئات الأطفال في متاهة السجون ودور الأيتام الحالة الوطنية الجامعة وتعزيز مبدأ الانتماء والهوية أرقام مبشرة في حصاد ما أنجزته "الزراعة" منذ بداية 2025 تكريم الطالبة مها الدوس بدرعا لتفوقها في شهادة التعليم الأساسي "أوقاف درعا الشعبية" تدعم المستشفيات وجرحى أحداث السويداء تطوير منظومة النقل في حلب وتنظيم قطاع المركبات الزراعة بريف حلب بين التحديات والفرص ارتفاع كبير ومفاجئ للأسعار في أسواق طرطوس.. والرقابة غائبة! "شفاء 2".. يداً بيد لتخفيف معاناة المرضى .. 100 طبيب سوري مغترب لتقديم الرعاية الطبية والجراحية المج...