الثورة – دمشق – تحقيق إخلاص علي:
تدور أحاديث منتجي الزيت هذه الأيام بشكل عام حول نسبة الزيت التي أنتجوها من موسم الزيتون الحالي، وكما كل عام تكثر الاتهامات التي يكيلها المزارعون لبعض المعاصر لجهة تدني نسبة المردودية من الزيت متهمين أصحابها بسرقة أرزاقهم وتعبهم من دون وجه حق، وسط غياب أي رقابة صارمة على عمل تلك المعاصر.
ولا يخفى على أحد أن هذه الاتهامات فيها ما يكفي من المنطق لكنها تفتقد للدليل والإثبات؟
غش وتلاعب
بدورها تواصلت صحيفة الثورة مع عدد من المنتجين، وتساءل أحدهم هل يعقل أن يكون إنتاج الحقل الواحد من الزيتون نسبة الزيت فيه بشكلين مختلفين؟!.
وتابع بالقول: إنه عندما انتهى من قطاف الزيتون وتجميعه أرسل جزءاً من الإنتاج إلى المعصرة وكانت نسبة الزيت المستخلص ٢٢%، وفي اليوم الثاني أرسل بقية الإنتاج إلى المعصرة نفسها، فكانت المردودية من الزيت ١٠%، مشيراً إلى أن هذا التباين بالمردودية بين يوم وآخر وللزيتون نفسه دليل قاطع على وجود خلل بعمل هذه المعصرة، معتبراً أنه تعرض للسرقة من قبل صاحب المعصرة، مطالباً برقابة دائمة من المعنيين على المعاصر بما يضمن حقوقهم ويحفظ أرزاقهم من السرقة.
أبو محمود- مزارع آخر، لاحظ نقص كمية الزيت الناجمة عن عصر محصوله من الزيتون بفارق كبير عن الأعوام السابقة دون مبرر لذلك، مبيناً أنه في مواسم سابقة كان ينتج ٦-٧ كيلوغرامات من الزيتون كيلو واحد من الزيت، أما حالياً كل ٩ كيلوغرامات من الزيتون يعطي كيلوغراماً واحداً من الزيت، مبيناً أن عملية الغش من المعصرة تبدأ أثناء عصر الزيتون حيث تبقي المعصرة على نسبة مرتفعة من الزيت في التفل بعد عصره بهدف بيع التفل لمعامل الصابون بأسعار مرتفعة.
أصحاب المعاصر
حاولنا معرفة سبب ما يحصل من أصحاب معاصر الزيتون أنفسهم، فقد امتنع بعضهم عن الحديث، بينما قدم البعض الآخر تبريرات غير مقنعة، مثل تأثير المطر على نسبة الزيت مع إصرارهم على عدم وجود أي غش من قبلهم، معتبرين أنهم يواجهون صعوبات في عملهم كعدم وجود أمكنة لرمي مخلفات المعاصر بالإضافة إلى غلاء المحروقات وارتفاع أجور اليد العاملة.
شكاوى
وللإطلاع أكثر على تفاصيل هذه الإشكالية تواصلت صحيفة الثورة مع مدير مكتب الزيتون في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي المهندسة عبير جوهر، مؤكدة أنها تلقت عدة شكاوى من الفلاحين حول تدني المردود وغلاء أجور العصر، ولكن لا يمكن حسم الجدل الدائر بين الفلاح وصاحب المعصرة إلا من خلال تقديم شكوى لأخذ عينة من البيرين الخاص بمحصول صاحب الشكوى وتحليل نسبة الزيت المتبقي في البيرين ليتم بعد ذلك تنظيم ضبط عبر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لضبط عملية العصر، باعتبار أن إغلاق المعصرة ليوم واحد ستُكلّف صاحبها خسائر كبيرة .
آلية المراقبة
وأوضحت المهندسة جوهر أن مراقبة عمل المعاصر تتم من خلال اللجان الفرعية المشكّلة في المحافظات بناء على مقترح المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة، ويترأس اللجان رئيس شعبة الزيتون في مديرية الزراعة التي تضم ممثلين من جميع الجهات المعنية (الإدارة المحلية- التجارة الداخلية- الصناعة).
وتابعت: تراقب اللجان تطبيق الاشتراطات الجيدة في معاصر الزيتون (المردود- المعايير الخاصة بمخلفات المعاصر- آلية التصريف الآمن لمياه المعاصر- نوعية العبوات)، وفق القرارات الناظمة لعملية التخلص الآمن منها.
٤٣٠ ألف طن إنتاج الزيتون
وأشارت جوهر أن تقديرات الإنتاج لهذا العام بلغت ٧٤٠ ألف طن ٤٣٠ ألف طن، منها في المناطق الآمنة و٤٠ % من الإنتاج خارج السيطرة.
أجرة العامل١٢٠ألف ليرة
وبينت أن تكاليف زراعة الزيتون والحصول على الزيت بشكل عام تعتبر عالية وعبئاً على الفلاح، وتشكل كلفة القطاف ٤٠% من مجمل العملية، ووصلت أجرة العامل إلى ١٢٥ ألف في اليوم.
٦١٦ معصرة زيتون
ولفتت المهندسة جوهر إلى أن عدد المعاصر في القطر ٦١٦، منها ٤٤٧ معصرة تعتمد على تقنية الطرد المركزي، وهي معاصر حديثة، و١٦٩ معصرة تقليدية تعتمد على نظام الضغط الهيدروليكي، مشيرة إلى ارتفاع أجور العصر هذا العام بنسبة ٥٠٠- ٦٠٠ ليرة للكيلو الواحد عن العام الفائت.
أخيراً.. يبقى أن نقول: إنه لابد من إيلاء محصول الزيتون اهتماما أكثر من قبل الجهات المعنية، ابتداء من الشجرة وانتهاء بالمعصرة، كونه المحصول الاستراتيجي المتبقي بعد خروج القمح والقطن من القائمة.