الثور ة – منهل إبراهيم:
كل أفعال الإدارة الأمريكية ومن يسعون للفوز في الانتخابات الرئاسية الجديدة يتحركون نحو النتيجة ذاتها وهي التمهيد لانهيار النظام الدولي، وتثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية جدلاً واسعاً لما تحمله من تأثيرات على السياسة الدولية والاقتصاد العالمي، وما يخيم على العالم من صراعات وحروب، من غزة إلى لبنان إلى أوكرانيا.
صحيفة “واشنطن بوست” نشرت في هذا الصدد مقالاً للصحفي إيشان ثارور قال فيه إن الرئيس جو بايدن صاغ التحدي المركزي، خلال معظم فترة وجوده في منصبه، باعتباره صراعاً بين “الديمقراطية والاستبداد”.
وفي كل عام من رئاسة بايدن، عقد البيت الأبيض “قمة من أجل الديمقراطية”، بمشاركة عشرات الدول، وعزز الشراكات مع العديد من الدول الآسيوية في محاولة لتعزيز الردع ضد الصين، أقوى دولة ذات حزب واحد في العالم. ثم كان هناك الحساب الأكثر حساسية لبايدن في الداخل، بعد فوزه على دونالد ترامب (والأكاذيب التي أشعلت تمرد 6 كانون الثاني/ يناير 2021).
ولكن على طول الطريق، فقد خفتت نيران بايدن المؤيدة للديمقراطية، ولا يبدو أن أياً من المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأسبوع المقبل عازم على تأجيج النيران.
وخارج الغرب، تزايدت السخرية من إصرار واشنطن على كونها وصية على “النظام الليبرالي” الدولي، وقد وثقت جماعات حقوق الإنسان جرائم حرب إسرائيلية، وحتى التقييمات الداخلية التي أجرتها وكالات أمريكية خلصت إلى أن “إسرائيل” أعاقت تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين، ومع ذلك، فلم تفرض الولايات المتحدة قوانينها الخاصة لفرض شروطها على الدعم العسكري لإسرائيل.
لا تدعم نائبة الرئيس كامالا هاريس ولا ترامب التحقيقات الجارية مع إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ولا تعترف واشنطن باختصاص أي منهما. لكن صدمة الحرب ستترك بصماتها على المنطقة لجيل قادم وستظل تخيم على الرئاسة الأمريكية القادمة.
تشير هاريس وترامب إلى أنهما سيتبعان نهجين مختلفين تجاه الشرق الأوسط، اشتكى ترامب من أن بايدن فرض الكثير من القيود على إسرائيل، وخلال رئاسته، تحالف مع أقصى اليمين في إسرائيل – لكن كلاهما سيعمل على صياغة السلام المزعوم الذي أفلت من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بعد مرور أكثر من عقد على ثورات ما يسمى “الربيع العربي”، تراجعت الديمقراطية عن جدول الأعمال.
لقد أشار المنتقدون إلى المعايير المزدوجة الواضحة بين الولايات المتحدة التي تندد بالانتهاكات الصارخة المزعومة التي ترتكبها روسيا للقانون الدولي، في حين تعمل على حماية “إسرائيل” فعلياً من اللوم العالمي.
ومن خلال البحث في سجل بايدن، اقترح كينيث روث، الرئيس السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، أنه “نظراً للمعاناة الهائلة وفقدان الأرواح في غزة، فإن الغضب من إعفاء إسرائيل مما يسمى بالنظام القائم على القواعد ربما يكون أكبر من السخط على الاستثناءات الاستبدادية المختلفة لترويج بايدن للديمقراطية”.
وأشار المحلل أناتول ليفين إلى أن “الصناعة الغربية لا تستطيع إنتاج أي شيء مثل عدد قذائف المدفعية التي تحتاجها أوكرانيا، ولا تستطيع الولايات المتحدة توفير أنظمة دفاع جوي كافية لـ “إسرائيل” وأوكرانيا والاحتفاظ بما يكفي لحرب محتملة مع الصين، وفوق كل شيء، فإنه لا يستطيع حلف شمال الأطلسي تصنيع المزيد من الجنود لأوكرانيا”.
إن هاريس هي أممية ليبرالية أكثر تقليدية، لكن إدارتها قد تشعر أيضاً بأنها مضطرة إلى اتخاذ موقف أكثر تواضعاً، سيكون عليها أن تعمل مع السياسيين القوميين لتعزيز السلطة في أوروبا، حيث يمكن لليبرالية المتصاعدة إعادة صياغة مبادئ الاتحاد الأوروبي، كما يدرك المشرعون الأمريكيون أن الناخبين الأمريكيين بشكل عام لم يعودوا حريصين على تأكيد بلادهم نفسها على الساحة العالمية.
وقد لا يكون ترامب انعزالياً فعلياً، لكن نهجه المعاملاتي في السياسة الدولية وعلاقاته الواضحة مع المستبدين تعكس انحرافاً عن الوضع الراهن في واشنطن.