الثورة – ديب علي حسن:
من المعروف أن من ينجز أمراً تقنياً أو غيره هو الذي يطلق عليه الاسم لينتشر في العالم كله.
هذا كان شأن العرب عندما كانوا سادة الإنجاز التقني والحضاري .
اليوم نحن مستهلكون للتقنيات نستوردها مع مصطلحاتها، فهل عجزت لغتنا عن ايجاد بدائل للمصطلحات الأجنبية؟
الدكتور مروان المحاسني يناقش هذه القضية في كتابه الذي صدر بعد رحيله تحت عنوان :
“مجتمعنا.. بين الحداثة.. وما بعد الحداثة”.
يقول المحاسني: (فقد أضافت المسارات العلمية الحداثية مجالات تقنية واسعة جعلت منها مستند التسريع التقدم العلمي، ولإغناء حياة المجتمعات بتسهيل التواصل والاتصال، حتى جعلت المجموعات البشرية المختلفة تشعر أن عالمها أصبح قرية صغيرة مفتوحة على كل ما يجري في أركانها، ولاشك أن مجالات التقانة السريعة التوسع قد نقلتنا من عجائب الكهرباء إلى عجائب المواصلات، والآليات والطيران في الأفلاك، وعلى رأس إنجازاتها
منطلقات الذكاء الاصطناعي. وإن لغتنا لن يُعجزها متابعة مسار تلك التقانات، فهي قادرة على استيعاب مصطلحاتها مهما يكن سيرها سريعاً، لكي تبقى مصطلحاتها جاهزة ومألوفة من قبل العاملين في هذا المجال، تمكنهم من متابعة مجريات الإبداع في عالم التقانة، ولا يظنن أحد أن مثل هذا المسلك يُخرج العربية من فلكها الواسع الذي مازال يجول فيه العقل والفكر والخيال، بل إن تطور العلوم الأساسية، في سعيها الهادف إلى كشف الدقائق المرتبطة بطاقاتها البحثية، قد جعلها تعتمد وسائل تنفيذية تسهل الوصول إلى تطبيقاتها، بعد النفوذ إلى مسارات الفكر الرياضي لتفهم تفاعلات وعلاقات لا قدرة للبصر على النفاذ إليها.
وهذا ما يدعونا إلى إدخال أساسيات التقانة وأدق تفاصيلها إلى لغتنا، لإخراجها من غربتها في مسار طويل سلكناه في وضع المصطلحات الخاصة بالعلوم الدقيقة.
وبذلك تتدارك أي قطيعة معرفية بين حاضر مجتمعاتنا في مسارها نحو مستقبل مشرق وبين ماضيها العريق المتميز بمساهماته في بناء العلوم الحديثة، ونقدم للأجيال الناشئة ما يستطيعون ضمه إلى مخزونهم الثقافي، فلا يبقى ما يلزمهم إلى اقتراض مشوه للغتهم. لأنه لا يجوز أن تقطعنا الحداثة وما بعدها عن الانتماء إلى ثقافة عريقة تحملها لغتنا بما تحتويه من عناصر تاريخية مهيكلة لشخصيتنا. فلن نسمح للحداثة أن تدخل علينا ماسحة معظم ماضينا، بل نقبلها أداة فعالة لربطة ماضينا بحاضرنا كي يبقى التوازن راجحاً على التقدم.
فقد أضافت المسارات العلمية الحداثية مجالات تقنية واسعة جعلت منها مستنداً التسريع التقدم العلمي، ولإغناء حياة المجتمعات بتسهيل التواصل والاتصال، حتى جعلت المجموعات البشرية المختلفة تشعر أن عالمها أصبح قرية صغيرة مفتوحة على كل ما يجري في أركانها. ولاشك بأن مجالات التقانة السريعة التوسع قد نقلتنا من عجائب الكهرباء إلى عجائب المواصلات، والآليات والطيران في الأفلاك، وعلى رأس إنجازاتها
الهادفة إلى كشف الدقائق المرتبطة بطاقاتها البحثية، قد جعلها تعتمد وسائل تنفيذية تسهل الوصول إلى تطبيقاتها، بعد النفوذ إلى مسارات الفكر الرياضي لتفهم تفاعلات وعلاقات لا قدرة للبصر على النفاذ إليها. وهذا ما يدعونا إلى إدخال أساسيات التقانة وأدق تفاصيلها إلى لغتنا، لإخراجها من غربتها في مسار طويل سلكناه في وضع المصطلحات الخاصة
بالعلوم الدقيقة.)
واليوم يتأكد هذا الرأي العلمي الحصيف من خلال الفضاء الأزرق الذي غزا الجميع .. صحيح أن شبابنا مغرمون باستخدام المصطلح الأجنبي على الشابكة وفي المحمول، لكن ثمة عودة من خلال الوعي الثقافي واللغوي الى البدائل والمصطلحات العربية التي تعبر عن مكنونات ما نريد.
ولن ننسى ان معظم لغات العالم دخلتها مفردات ومصطلحات عربية من عصر الإنجاز المعرفي والنهضة ايام الدولة العربية الكبرى التي امتدت من الصين إلى حدود فرنسا.
التالي