الثورة – المهندس بسام مهدي:
تواجه القوانين العالمية الحالية التي تحاول تنظيم مجال الذكاء الاصطناعي العديد من التحديات وأوجه القصور، والتي تعود بالأساس إلى طبيعة هذا المجال متسارع التطور ومتشعب التأثيرات، وتتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة، ما يجعل من الصعب على التشريعات التقليدية مواكبة هذا التطور، وقد تتجاوز بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة الإطار القانوني القائم، ما يخلق فراغات قانونية، ويزعم أن تنظيم الذكاء الاصطناعي قد يخنق الابتكار ويؤدي إلى قواعد غامضة أو معقدة للغاية لن تؤدي الغرض المقصود منها، خاصة في ظل وتيرة التغيير السريعة، ويرد أولئك الذين يدافعون عن تنظيم الذكاء الاصطناعي بأنه إذا لم تتم إدارته، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي قد يكون ضارًا للغاية، الأمر الذي يستدعي تعزيز التعاون بين الدول لتطوير إطار قانوني عالمي موحد، ولكن اختلاف القوانين الوطنية بشكل كبير بين الدول، يجعل من الصعب وضع إطار قانوني عالمي موحد.
تحديات..
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في سورية لوضع تشريعات تحكم قطاع التكنولوجيا، إلا أن القوانين الحالية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي تواجه بعض التحديات، فلا يوجد حتى الآن قانون متخصص ينظم تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، ما يترك ثغرات قانونية، يصعب التنبؤ بها والتي قد تنشأ عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستقبلية، وغالباً ما تكون مفاهيم مثل “الذكاء الاصطناعي” و”التعلم الآلي” و”الروبوتات” غير محددة بدقة في التشريعات القائمة، ما يؤدي إلى صعوبة في تطبيق القوانين، وأيضاً صعوبة تصنيف بعض التطبيقات ضمن فئات قانونية محددة، ما يعقد عملية التنظيم.
استراتيجية وطنية
وتقوم وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات على إعداد الإستراتيجية الوطنية للذكاء الصناعي، وستقوم الوزارة باقتراح التشريعات اللازمة للتقانات البازغة لإدخالها إلى الجمهورية العربية السورية واستثمارها.
وأما عن ما تم ذكره عن الذكاء الاصطناعي في القانون 25 لعام 2024 الخاص بوزارة الاتصالات وتقانة المعلومات “اقتراح إحداث المختبرات والمعاهد ومراكز البحث والتطوير في مجالات الاتصالات والبريد وتقانة المعلومات، ووضع البرامج التدريبية والتعليمية المتعلقة بذلك، بما يتوافق مع التطورات العالمية والتقانات البازغة في هذا المجال، بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنيَّة، وتحديد بنية أسواق الاتصالات والبريد وفق التوجُّهات العالمية والخطط المتعلقة بتنميتها وتطويرها وتقديم الخدمات فيها على نحو يواكب التطور التقاني العالمي، واستشفاف التقانات البازغة عالمياً، وتهيئة البيئة الفنية، واقتراح التشريعات اللازمة لإدخالها إلى الجمهورية العربية السورية واستثمارها، حيث تم تعريف التقانات البازغة بأنها التطبيقات الحديثة عالمياً، وخاصَّةً تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والواقع المعزز، والمهارات المطلوبة لاستخدامها والاستفادة منها على مستوى الأفراد والمجتمع”.
انتهاك الخصوصية
أذكر بعض الأمثلة حول انتهاك الخصوصية بتقنيات الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال الاستنساخ (Cloning) في الذكاء الاصطناعي هو مصطلح يستخدم لوصف عملية إنشاء نسخ متطابقة أو شبه متطابقة من نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة، ويتم هنا استنساخ نماذج رقمية بدلاً من الكائنات الحية، ومؤخراً أساء أحدهم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وتسببت بإنهاء فتاة مصرية حياتها، فقد صمم فيديو مزيفاً عنها بتقنية الاستنساخ بالذكاء الاصطناعي ما لم تقم بفعله، وتضعنا مثل هذه الحوادث أمام تحد كبير أمام حكومتنا لنشر الوعي بإساءة استخدام مثل هذه التقنيات إلى المجتمع، وهناك أيضاً قضايا أخلاقية تتعلق باستخدام النماذج المستنسخة، مثل إمكانية استخدامها في نشر معلومات مضللة أو التلاعب بالرأي العام.
وقد تؤدي الخوارزميات إلى اتخاذ قرارات متحيزة أو تمييزية، ويثير استخدام الذكاء الاصطناعي قضايا تتعلق بالخصوصية والأمن، مثل استخدام البيانات الشخصية لتدريب الخوارزميات. وهناك تحد آخر قد يفتقر القضاة والمحامون إلى الخبرة الكافية في مجال الذكاء الاصطناعي لتطبيق القوانين بشكل فعال، وقد تحتاج الأجهزة القضائية إلى تطوير أدوات تقنية جديدة لتحليل الأدلة الرقمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
تنظيم التقنيات
قد يكون من الصعب جمع وتحليل الأدلة الرقمية في القضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ويجب البدء بتدريب القضاة والمحامين والمسؤولين الحكوميين على فهم تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها، وتشجيع الحوار المجتمعي حول قضايا الذكاء الاصطناعي وبناء توافق في الآراء حول كيفية تنظيم هذه التقنيات، ودعم البحوث في مجال الأخلاقيات والقانون في مجال الذكاء الاصطناعي.
من يتحمل المسؤولية القانونية في حالة وقوع أضرار نتيجة لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي؟ هل هو المبرمج، الشركة المصنعة، أم النظام نفسه؟.
لا تزال هناك أسئلة حول المسؤولية القانونية في حالة وقوع أضرار نتيجة لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، سواء أكانت هذه الأضرار مادية أم معنوية.
ختاماً، يعتبر تنظيم الذكاء الاصطناعي تحدياً كبيراً يتطلب جهداً مشتركاً من الحكومة والشركات والمجتمع المدني، يجب أن يكون الهدف من أي تشريع هو تحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار وحماية حقوق المواطنين والمجتمع.