الثورة – ديب علي حسن:
تبدل المفردات معانيها كلما تطورت المجتمعات وتأخذ معاني جديدة، وقد تدخل اللغة مفردات هي نتيجة التفاعل الحضاري، فماذا نسمي المفردات الأساسية في اللغة العربية أصيلة أم أثيلة؟
في القراءة السريعة نستعمل كلمة أصيلة، ولكن حسب لسان العرب والدراسات الدلالية يجب أن نقول أثيلة.
فقد جاء في لسان العرب:
أَثْلَةُ كل شيء: أَصله؛ قال الأَعشى:
أَلَسْتَ مُنْتَهياً عن نَحْتِ أَثْلَتِنا؛
ولَسْتَ ضائِرَها، منا أَطَّتِ الإِبلُ
يقال: فلان يَنْحَِتُ أَثْلَتَنا إِذا قال في حَسبَه قبيحاً.
وأَثَلَ يأْثِل أُثولاً وتَأَثَّل: تأَصَّل. وأَثَّل مالَه: أَصَّله.
وتَأَثَّل مالاً: اكتسبه واتخذه وثَمَّره. وأَثَّل اللهُ مالَه: زكاه.
وأَثَّل مُلْكَه: عَظَّمه. وتَأَثَّل هو: عَظُم.
وكلُّ شيء قديم مُؤَصَّلٍ: أَثيلٌ ومُؤَثَّل ومُتأَثِّل، ومال مؤَثَّل.
والتَّأَثُّلُ: اتخاذ أَصل مال. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال في وصيّ اليتيم: إِنه يأْكل من ماله غَيْرَ مُتَأَثِّل مالاً؛ قال:
المتأَثل الجامع، فقوله غير متأَثل أَي غير جامع، وقال ابن شميل في
قوله، صلى الله عليه وسلم: ولمن وليها أَنْ يَأْكُل ويُؤْكِلَ صَديقاً غيرَ
مُتَأَثِّلٍ مالاً، يقال: مال مُؤَثَّل ومَجْدٌ مؤثَّل أَي مجموع ذو أَصل.
قال ابن بري: ويقال مال أَثِيلٌ؛ وأَنشد لساعدة:
ولا مال أَثِيل
وكل شيء له أَصل قديم أَو جُمِعَ حتى يصير له أَصل، فهو مُؤَثَّل؛ قال
لبيد:
لله نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضل،
وله العُلى وأَثِيثُ كُلِّ مُؤَثَّل
ابن الأَعرابي: المؤَثَّل الدائم. وأَثَّلْتُ الشيءَ: أَدَمْتُه. وقال
أَبو عمرو: مُؤَثَّل مُهَيَّأٌ له. ويقال: أَثَّلَ اللهُ مُلْكاً آثِلاً
أَي ثَبَّته؛ قال رؤبة:
أَثَّل مُلْكاً خِنْدِفاً فَدَعَما
وقال أَيضاً:
رِبابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلا
أَي ملكاً ذا أَثْلَةٍ. والتأْثيل: التأْصيل. وتأْثيل المجد: بناؤه. وفي
حديث أبي قتادة: إِنه لأَوَّلُ مال تَأَثَّلْتُه. والأَثال، بالفتح:
المجد، وبه سمي الرجل. ومجد مُؤَثَّل: قديم، منه، ومجد أثيل أَيضاً؛ قال امرؤ القيس:
ولكِنَّما أَسْعى لمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ،
وقد يُدْرِكُ المَجْدَ المؤثَّل أَمثالي
والأَثْلَةُ والأَثَلَةُ: متاع البيت وبِزَّتُه. وتَأَثَّلَ فلان بعد
حاجة أَي اتخذ أَثْلَةً، والأَثْلة: المِيرةُ. وأَثَّل أَهْلَه: كساهم
أَفضل الكُسوة، وقيل: أَثَّلهم كساهم وأَحسن إِليهم. وأَثَّلَ: كَثُرَ مالُه؛
قال طفيل:
فَأَثَّلَ واسْتَرْخَى به الخَطْبُ بعدما
أَسافَ، ولولا سَعْيُنا لم يُؤَثِّل
ورواية أَبي عبيد: فأَبّل ولم يُؤَبِّل. ويقال: هم يَتَأَثَّلون الناسَ
أَي يأْخذون منهم أَثالاً، والأَثال المال. ويقال: تأَثَّل فلان بئراً
إِذا احتفرها لنفسه. المحكم: وتَأَثَّلَ البئر حَفَرها؛ قال أَبو ذؤيب يصف
قوماً حفروا بئراً، وشبه القبر بالبئر:
وقد أَرْسَلُوا فُرّاطَهُم، فَتَأَثَّلوا
قَلِيباً سَفَاهَا كالإِماءِ القَواعِد
أَراد أَنهم حفروا له قبراً يُدْفَن فيه فسماه قليباً على التشبيه،
وقيل: فتأَثّلوا قليباً أَي هَيَّأُوه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
تُؤَثِّلُ كَعْبٌ عَليَّ القَضاء،
فَرَبِّي يُغَيِّرُ أَعمالَها
فَسَّره فقال: تؤثل أَي تُلْزِمني، قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا.
والأَثْلُ: شجر يشبه الطَّرْفاء إِلا أَنه أَعظم منه وأَكرم وأَجود
عُوداً تسوَّى به الأَقداح الصُّفْر الجياد،
ومن مجلة اللسان العربي نقتطف سير دخول مفردة حرب إلى اللغة العربية وكيف أخذت معناها الحالي:
سيف (في الأرمية: (حربو-) تدمير، حرب، وهي من: (حرب- خرب، حارب، قتل).
نقت الدجاجة نقيقاً: صولت.وكذلك الضفدعة والحجلة والرحمة .. الخ.
ونعتقد أن الأصل هو صوت الدجاجة لم شمل أصوات غيرها من الحيوانات، لأنها هي التي تقول: نق نق نق. ونشات من (نق) أفعال منها: نقر ونقد بمعنى، لأن المنقاد هو المنقار. وكذلك: نقب ونقت ونقت ونقح ونفخ… إلى غير ذلك من الألفاظ التي تدل على خصب نقنقة الدجاجة هذه ووفرة عطاءاتها في العربية.
ومن (نقب) نشأ فعل (نخب)، ومن (نقر) نشأ (نخر)، ومنهما أو من أحدهما نشأ (نخرب ينخرب) بمعنى: نقب. والنخاريب هي الثقوب، ومنها تخاريب النحل.
ومن (نخرب) نشأ فعل (حرب) بمعنى الثقب أيضاً. ومن بقايا هذا المعنى في العربية قولهم حرب الرجل: صار مثقوب الأذن.
ومن الخرب صافوا (الخرم) في الأذن وغيرها. ثم صار قولك خربت الشيء: يعني ثقبته أو شققته أو دمرته، ومن هنا صار الحرب والتخريب يعنيان أنواعاً من الفساد والإفساد منها خرب الدار: سرقها، والأصل نقبها. وخرب الرجل: صار خارباً أي لصاً، والجمع خراب- زنة عشاق.
ونطقوها بالحاء المهملة أيضا فقيل: حربت
الرجل: سلبته ماله. والحريبة: المال السليب.
والحرب (بفتحتين): الويل، ومن ذلك: واحرباه: واويلاه. والخلاصة أنه صار للصيغة الحالية كل ما للخراب والتخريب من معاني السوء وزيادة، ومنها (الحرب)- زنة الدرب- التي تشمل معاني الصيغتين الأراميتين الآنفتين.
أما معنى السيف في الآرامية فتقابله (الحربة) وهي سلاح دون الرمح. (وتوجد في اللاتينية بصورة) هربه السيف المنحني، وكأنما هو السيف العربي بذاته.