نعم .. طرطوس تعاني من ملوثات عديدة تعكر صفو موقعها وجمالها و تنغص على هوائها و بيئتها بدءًا من مكبات القمامة المنتشرة بشكل عشوائي، و ليس انتهاء من انتهاك حرمة الغابات سواء بالحرق أو الجرم…
معمل إسمنت طرطوس كان يعتبر من أهم عوامل التلوث في المحافظة بسبب القدم و الاهتلاك و عدم الصيانة الدورية الفلاتر، و ذلك بسبب صعوبة الاستيراد و غلاء الأسعار..
اليوم من يراقب معمل إسمنت طرطوس يلاحظ أن نسبة التلوث و الغبار الصادر منه قد انخفض بشكل ملحوظ إلى أكثر من 80% و ذلك حسب تصريحات مختصين بالشأن البيئي، و هذا راجع إلى الاجتماع الذي حصل بين الجهات المعنية في المحافظة مع مؤسسة الإسمنت و أهالي القرى المجاورة و اتخاذ جملة من الإجراءات الإسعافية لتخفيف التلوث إلى حدوده الدنيا..
هذا الأمر أدى إلى كشف العيوب في عدم التعاطي بجدية مع هذا الملف الخطير الذي يمس بحياة المواطنين المجاورة قراهم للمعمل و التي تحاول الإدارة الحالية تجاوز كثير من الصعوبات التي كانت موجودة و هذا دليل على أن العنصر البشري و الإدارة هما سبب رئيسي في الارتقاء بالعمل.
أما لماذا لم يتم اتخاذ إجراءات في السابق ” وقت الراحة ” أي قبل الأزمة، حيث كان الأمر متاحاً و سهلاً فهذا يطرح تساؤلات و استفسارات وعلامات تعجب كثيرة؟!
هناك من يقول إن وزارة الصناعة بصدد تقييم المعامل و المنشآت و قد تصل إلى مرحلة إغلاق بعضها أو نقلها..
و كون معمل إسمنت طرطوس من بين المنشآت المطروحة يجب على وزارة الصناعة أن تدرك مدى صعوبة نقل هكذا منشأة و أن كلفة الإصلاح أو إعادة تأهيل المعمل ليكون صديقًا للبيئة أقل بأضعاف من نقله أو إيقافه … و الأمر ينسحب على جميع المنشآت و المعامل الأخرى..
نحن هنا نؤكد على أن صحة المواطن بالمرتبة الأولى إلا أن الأمر يمكن معالجته بطريقة تحافظ على هذه المنشأة التي تحوي آلاف العمال و يعيل آلاف الأسر أيضًا إلى جانب إعادة إعمار هذا المعمل و استيراد فلاتر كهربائية جديدة تجعل منه منشأة حضارية و صديقة للبيئة..
المشكلة التي تعترض إدارتنا ومؤسساتنا العامة تكمن أساساً في طريقة تعاطيها مع حل المشكلات و الهروب إلى أسهل الدروب ..
بكل بساطة الأذن اليمنى تمسك باليد اليمنى و ليس باليد اليسرى..و غياب التنسيق سيؤدي إلى خلق حالة من الفوضى…
أما متى نصل إلى محاكمة الأمور بطريقة منطقية بعيدة عن العواطف فهذا في علم الغيب ولاأحد يستطيع التكهن بموعده ..!!!