الثورة – دمشق – وفاء فرج:
ظهرت متغيرات ومفاهيم تسويقية جديدة ارتبطت فعلياً بالتطور التقني والالكتروني، وبقنوات التواصل الاجتماعي، وباتت من أهم القنوات التسويقية نتيجة سرعة آلية العمل والاتصال، وهذا بدوره يمكن من وصول مباشر للمنتج في إطار خدمة للزبائن.
ومع تفوق هذا النوع من التسويق على القنوات التقليدية، لابد من طرح التساؤل على أهمية التسويق الالكتروني للمنتج المحلي.. وفي إطار ذلك عملت “الثورة” على استطلاع وتبيان آراء بعض المعنيين في هذا الشأن.
ميزة كبيرة
نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها لؤي نحلاوي يرى أن العالم يتجه وبنسبة عالية نحو الأسواق الالكترونية، خاصة في ظل
حجم الأسواق الخارجية وأرقامها الكبيرة، والتي تستحوذ على حصة واسعة من الأسواق النمطية، موضحاً أن المشكلة لدينا في سورية أن التسويق الالكتروني يحتاج إلى دفع الكتروني مربوط بمنصات أكثر مرونة، مما هو معمول عليه حالياً، وأنه بسبب العقوبات هناك تحديات كبيرة في تنفيذ هذه المنظومة، ومع ذلك فإن المصرف المركزي تجاوب بنسبة ممتازة لتخطي موضوع الدفع الالكتروني.
نحتاج لضوابط مرنة
وأضاف نحلاوي، حول ما يتعلق بشروط التسويق الالكتروني، وتفاصيله وحوكمته وقوانينه، أنه يجب أن يكون هناك ضوابط إلى حد ما فيها مرونة أعلى للمشتري وللبائع، مبيناً أنها أسواق جديدة تحمل في طياتها مفاهيم جديدة للعمل وأبواب كبيرة للأسواق في ظل تكاليف التنقل والحركة وبُعدها، وبالتالي الأسواق الالكترونية ميزة كبيرة جداً، ونحن ذاهبون إلى هذا العصر شئنا أم أبينا، ولا نستطيع التخفي من دون مواكبة هذا التطور لأهميته كونه يفتح آفاق ومنافذ كبيرة للمنتج المحلي.
لكل زمان أدواته
من جهته نائب غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق يرى بالمبدأ أنه لكل زمان أدواته ووسائل التواصل الخاصة فيه، وطرق التسويق والبيع والعمل، وأسس ومعايير معينة لاتخاذ القرارات، وأن الوسائل والأساليب تختلف حسب كل ظرف.
وبين أنه حالياً ونتيجة التطور العلمي واختلاف وسائل التواصل بين الأفراد، فقد كان التلفزيون الأساسي في البيع، إلا أن هذه الوسائل اختلفت، وأصبح لدينا وسائل تواصل حديثة، وهي منصات التواصل الاجتماعي التي تأخذ وقتا كبيرا من المستهلك، وتشكل بحد ذاتها حجما كبيرا بأسلوب تعريف الأفراد بالمنتجات الحديثة، إلا أن ذلك لا يعني أن وسائل التواصل السابقة يمكن إلغاؤها بالكامل، وإنما أصبح حالياً هناك مستجدات، كوسائل التواصل الاجتماعي، ففي السابق كان إيجاد المنتج يقتضي وقتا طويلاً على التلفزيون والراديو والسير بالشوارع ورؤية الإعلانات الموجودة فيما وسائل التواصل والتسويق الالكتروني فرضت وجودها على الأرض لتكون وسيلة من وسائل البيع والتسويق من أجل تحقيق زيادة في المبيعات ومن الضروري التفاعل بشكل جديد والاستفادة منها.
تقديم الخدمة والمنتج
ويرى الحلاق أنه لا يمكن التعميم أو التخصيص في كل شيء، وأنه عندما نتحدث عن منتجات استهلاكية نقول: وسائل التواصل جيدة لتعريف المستهلكين، غير أننا عندما نتحدث عن منتجات وخدمات متخصصة، لها زبائنها، فالتواصل معهم سيكون عن طريق غير التواصل الاجتماعي، وأنه يمكن التواصل بشكل مباشر أو عن طريق إعلان طرقي وبالتالي كل منتج وكل خدمة تقدم دائما لها أسلوبا معينا ناهيك عن زمن تقديم الخدمة السريع.
مرونة وسائل التواصل
وبين أن وسائل التواصل أصبحت متشعبة ومتباعدة، ولكل منطقة جغرافية وسائل تواصل اجتماعي مختلفة، وبحسب العمر والنوع.
وأضاف الحلاق أن المهم في كل هذه الأمور الجودة من خلال تقديم منتج وتسويق جيد وبالتالي إن جودة المنتج ذاتها تفرض نفسها في السوق، ويبقى الترويج الأهم هو التداول بين الناس إما بالإيجابية أو السلبية تشجيعاً لاستخدام المنتج أو عدمه.
انتشار أوسع
الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش يرى أنه في المنظومات الاشتراكية لا يكون هناك مبرر لمفهوم التسويق بجميع أشكاله، على اعتبار أن المنظومة الاشتراكية تقوم على إنتاج ما يحتاجه المجتمع فقط، وبالتالي لا يوجد فيها مفهوم الفوائض التي تبرر الحاجة للتسويق، حسب التطور التاريخي لمفهوم المتاجرة، لذلك كنا نجد في هيكلية القطاع العام الاقتصادي إدارة تجارية فقط ولم يكن هناك أي وجود لإدارات التسويق.
ويتابع: بعد تبني مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي 2005، بدأ تطور المفاهيم وإعادة النظر في الهيكليات الإدارية ضمن مشروع الإصلاح الاقتصادي والإداري.. وبدأت تظهر إدارات التسويق في الهيكلية الحكومية ولاسيما في مؤسسات القطاع العام الاقتصادي، إلا أنها لم تكن بالفاعلية المطلوبة لاعتبارات كثيرة.. وبقيت إدارة القطاع العام الاقتصادي متأثرة بمفهوم الحاجة والضرورة والحصرية والاحتكار لتأمين تصريف إنتاج القطاع العام عبر مؤسساته المختلفة، وهذا ما أفقد الكثير من منتجات القطاع العام القدرة على التطور والمنافسة مع القطاع الخاص.
وينوه بأنه في المرحلة الراهنة ومع التوجه الواضح لتغيير المفاهيم التقليدية حول دور القطاع العام الاقتصادي وكذلك وفق عملية إصلاح وتطوير القطاع العام الاقتصادي، يجب أن يكون التسويق ركنا أساسيا من أركان الإدارة والذي يساعد شركات القطاع العام على التخطيط الاستراتيجي والذي يقوم على إنتاج ما يمكن بيعه، وليس بيع ما يمكن إنتاجه، وبالتالي مواكبة متطلبات الأسواق كماً ونوعاً وبمرونة إنتاجية تعزز القدرة التنافسية للمنتجات.
وقال: التسويق يهتم في تأمين المنتجات القادرة على إشباع حاجات المجتمع وتلبية رغباته بشكل مُرضي وبفاعلية وكفاءة، ويستخدم في سبيل ذلك سياسات تختصر بالمزيج التسويقي المكون من أربعة عناصر أساسية وهي المنتج، والتسعير، والترويج، والتوزيع.
برأي الخبير الاقتصادي التسويق- هو الذي يضيف قيمة المزايا والمنافع للمنتج من خلال الوظائف التسويقية التيسيرية والزمانية المكانية والحيازية، ويحول المنتج إلى سلعة من خلال منحه القدرة على التداول والتبادل.
وأشار إلى تطور مفهوم التسويق من مجرد إدارة وظيفية ضمن هيكلية الشركات إلى مفهوم أوسع يقوم على مفهوم التسويق الشامل، وصولاً إلى مفاهيم التسويق الالكتروني ( الرقمي) والذي يحقق نفس غايات التسويق التقليدي، ولكن عبر الوسائل والتقنيات الرقمية كالانترنت عبر محركات البحث والبريد الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وعبر أدوات منها كتابة المحتوى والمؤثرين والإعلانات المدفوعة بتقنياتها المختلفة، فالتسويق الالكتروني يحقق انتشاراً أوسع ودقة أكبر في نشر المعلومة إلى شرائح الجمهور المستهدف وأقدر على إيصال الصورة الذهنية المطلوبة، وبالتالي تحقيق الإقناع الضروري لزيادة المبيعات وتحقيق الإيرادات، وكذلك قياس الأثر، وذلك بكلفة أقل بكثير من أساليب التسويق التقليدية.
ويرى الدكتور عياش أن التسويق الالكتروني فرصة هامة لشركات القطاع العام الاقتصادي لتساعدها في الفهم الأعمق لحاجات ورغبات المجتمع، وتطوير المنتجات بما يتناسب مع تغير الأذواق وبشكل مُرضي وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية.