المعارف والعلوم المتراكمة عبر الزمن تصنع تاريخنا وحضارتنا وثراء هويتنا، وأصالة التراث الثقافي اللا مادي لا تعني أنّه شيء جامد، بل هو نتاج تجارب متراكمة وثمرة مهارات يدوية ونتاجات شفهية عاشها الإنسان متفاعلاً فيها مع محيطه الاجتماعي والثقافي.
وتراثنا السوري يمتد في عمق التاريخ المتراكم عبر آلاف السنين، حين تمشي في دروب دمشق وحواريها القديمة تكتشف في كل ركن تراث ثقافي غني بنيت عليه حقائق إبداعية اشتغل عليها كي تكون تراكمات لبناء حضارة مستقبلية موازية لحضارتنا الموروثة.
ليست دمشق وحدها التي تتمتع بهذه الميزة بل مختلف الأمكنة غنية بتراث يمتد في عمق التاريخ وعبر سنوات من الجهد والبحث تم الاهتمام بالتراث السوري والاشتغال على تشكيل هويتنا من خلال حمايته والحفاظ عليه بتنوعه ومختلف أمكنته.
التنوع شمل مواقع أثرية وحضارية ولغات قديمة وأيقونات تراثية، وتراثاً موسيقياً وفنياً شعبياً وصولاً إلى التراث الأدبي، بل لدينا مواقع حضارية وأثرية تعود إلى عشرة آلاف سنة مثل أيبلا وماري…
من خلال كل هذا الموروث الحضاري نعيش مع حالة متجددة نحيي عبرها تراثنا لتنصب مختلف الجهود في الحفاظ على الهوية السورية، والحفاظ على تراثنا من الاندثار.
لا شك ونحن نعيش كل هذه الصراعات في منطقتنا العربية، يبدو الحفاظ على تراثنا من أهم أولوياتنا الفكرية إنه مسؤولية جمعية تجعلنا نفكر بطرق شتى لإحيائه وإعادته إلى الواجهة كي يقتدي بقيمه الجيل الجديد، ويدرك أن حضارة بلده تعود إلى عمق التاريخ اللا نهائي، علنا نكون قد ساهمنا في شد أواصر انتمائه إلى وطنه.
هناك طرق شتى لإحياء تراثنا، مثلاً عبر طريق إعادة صياغته وتطويره من خلال إقامة معارض محلية للترويج لهذا الفن الأصيل الذي قد لا يكفينا اعتراف اليونسكو أن لدينا ستة مواقع من أصل (46) موقعاً أثرياً اعتبرتهم المنظمة التابعة للأمم المتحدة أنهم مواقع ذات قيمة استثنائية، بل إن كل مواقعنا الأثرية ذات قيمة لا تضاهى.
التالي