الثورة – هفاف ميهوب:
يرى الأديب والمفكر المصري “عباس محمود العقاد”، أن تميّز اللغة العربية وتفوّقها على سائرِ لغاتِ العالم، هو ما دفعه لوصفها بـ “اللغة الشّاعرة”.. اللغة التي ميّزها عن “اللغة الشّعرية” التي اعتبرها تخصّ الشّاعر وحده، فتمكّنه من التعبير عن خلجاته ومشاعره، مثلما من تنظيم وإطلاقِ قصيدته.
حتماً، لم تكن اللغة الشّعرية التي تخصّ الشّعر والشّعراء، هي فقط ما تناوله في مؤلفاتٍ منها، كتابه الذي تحدّث فيه مطوّلاً عن “اللغة الشّاعرة”.. لغةُ الضّاد البارعة والمتفرّدة، بقدرتها على التعبير عن شتى الموضوعات التي يتناولها الكلام.
إنها برأيه: “اللغةُ التي بُنيت على نسقِ الشّعر في أصوله الفنيةِ الموسيقية، لأنها في مُجملها فنٌّ منظومٌ مُنسّق الأوزان والأصوات، لا تنفصل عن الشّعر في كلامٍ تألفت منه، حتى وإن لم يكن من كلام الشعراء”.
هذا ما قصده “العقاد” باللغة الشاعرة.. اللغة العربية التي وجد بأنها “تمتاز بحروفٍ لا توجد في اللغات الأخرى، كالضّاد والظّاء والعين والقاف والحاء والطاء، وهي حروف إن وُجدت في غير هذه اللغة، تكون مُلتبسة ومتردّدة، لا تُضبط بعلامة واحدة”.
نعم، اللغة العربية هي اللغة الشاعرة، بل اللغة الإنسانية التي تعتمد على النطقِ البديع والبارع في إيقاعِ موسيقيّته، تعتمد أيضاً، على بلاغة أبجديّتها، في التآلف بين حروفها ومفرداتها وتراكيبها وفصاحتها وبحورها وأوزانها، وبطريقةٍ فنيّة جعلت فنّ الشّعر ولغته، ينتظما بطريقةٍ لا تتوفّر في فنٍّ أو لغةٍ من اللغات.
باختصار: اللغة العربية لغةٌ كاملة، لا نقص في مفرداتها ولا في بلاغة تعبيرها، إنها فعلاً، وكما قال “العقاد” عنها: “لغةُ الزمن بأكثرِ من معنى واحد. لغةُ الزمن لأنها تحسنُ التعبير عنه، ولأنها قادرة على مسايرة الزمن في عصرنا، وفيما يليه من عصور”.
#صحيفة_الثورة